كان الاجتماع الثالث في مكتب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بين مجموعة المثقفين وكبار العلماء يوم الأحد 29 - 05 - 2011 لمواصلة المناقشات حول الوثيقة المقترحة، حيث تحدث الإمام عن أوضاع الثقافة في مصر ثم أسند إدارة الجلسة للدكتور حمدي زقزوق الذي أعطى الكلمة للأديب يوسف القعيد، فقال: عندي أربع ملاحظات على الوثيقة التي كتبها الدكتور صلاح فضل، أولها أنها لا تشير إلى اللحظة التاريخية التي كانت سبباً في هذا الاجتماع وهي الخامس والعشرين من يناير أياً كان المسمى الذي يمكن أن نطلقه عليه؛ ثورة أو انتفاضة أو ما إلى ذلك. وثانيها أن الوثيقة تغفل النص على ضرورة تطوير الأزهر داخلياً، وهو أمر لابد منه في مجالين أساسيين هما الدعوة والتعليم. وثالثها أن الوثيقة تغفل أن مصر بها مسيحيون يدينون بغير الإسلام، وأن التعامل معهم جزء من رسالة الأزهر، إذ لابد من التعامل معهم وفق استراتيجية للحوار والأخذ والرد، وكذا رسالة الأزهر تجاه العالم في الخارج بتنوعاته الكثيرة كما أن الوثيقة لا تتحدث عن التيارات الإسلامية الموجودة داخل مصر والتي تختلف مع الأزهر وتزايد على دوره، وهذه التيارات من الإخوان المسلمين والسلفيين والجهاد والجماعة الإسلامية وغيرها لابد أن يكون في وثيقة الأزهر موقف واضح حول التعامل معها، لأن الإقصاء وعدم الحوار وسائل غير مفيدة، والنقطة الأخيرة فكرة المستقبل، فكل كلامنا ينتمي للحاضر ويتكئ على الماضي، لكن لابد من وجود رؤية للمستقبل، هذا مع إشادتي بوثيقة الدكتور صلاح فضل وبصياغتها وشمولها. ودار نقاش حول دور الأزهر ودوره، وتفضل الإمام الأكبر بالإشارة إلى اللجان التي تشكلت لتطوير الأزهر ومراجعة قوانينه، ثم تحدث الدكتور صابر عرب فطالب بأن تتضمن الوثيقة بعض الرؤى للقضايا المطروحة في المجتمع المصري مثل موقف الأزهر والمثقفين من الأفكار الجديدة كالعلمانية، خاصة لما يشاع الآن عنها بقصد سياسي خبيث من أن كل علماني هو ملحد، وهذه القضية ستظل ملتبسة تماماً، وأظن أن رأي الأزهر فيها سيكون مهما. وهل يمكن أيضاً النص في الوثيقة على موقف الأزهر من القضية الفلسطينية، ولا نقصد الموقف العاطفي بل الموقف العملي والسياسي. أما جلال أمين فقال إن كلام الوثيقة جميل جداً، وهذا عيبه، جميعنا متفقون عليه، وكنت أتصور أن الغرض من هذه الاجتماعات هو الدخول فوراً إلى ما يمكن لمؤسسة الأزهر أن تقوم به في الظروف التي نمر بها، بحيث لا يتطرق الكلام إلى مبادئ عامة، كان يصح أن تقال من عشرين أو ثلاثين سنة، كلنا نرى أن مصر تمر بمحنة حقيقية، وهذه المحنة تستثير الهمة في مختلف المجالات، والأزهر بسبب ما يتمتع به من جلال وهيبة لابد أن يكون له دور في حل هذه الأزمة. أهم ما يخطر ببالي هو ضرورة التمييز بين المدى القصير والمدى الطويل، فعلى المدى القصير هناك ثلاث قضايا عاجلة هي: الفتنة الطائفية والسياسة الخارجية والعدل في محاكمة الماضي، فما هو رأي الدين في هذه القضايا؟، أما على المدى الأطول فهناك قضايا بالغة الأهمية مثل التعليم والعدالة الاجتماعية ولا يمكن أن نبدع لها حلولاً سريعة لأنها قضايا بطبيعتها عميقة وبطيئة التحسن، فلنركز اهتمامنا على القضايا العاجلة وعلى الأزهر أن يدلي بدلوه فيها. وللحديث بقية.