في تسعينيات القرن الماضي كنت أعيش في إنجلترا يوم دخل السويدي زفين جوران أيركسون التاريخ كأول مدرب أجنبي يقوم بالإدارة الفنية للمنتخب الإنجليزي بعدما عجز الإنجليز عن ترك بصمة حقيقية في بطولات العالم وأوروبا، ولم يتوجوا أبداً بأي لقب قاري أو عالمي مهم منذ عام 1966. ولكن أيركسون فشل في تحقيق مجد يُباهي به رغم أنه قال لي في لقائي معه في «صدى الملاعب» إن مشكلة الكرة الإنجليزية تكمن في إعلامها وليس في أسلوبها، وهو ما لا أتفق معه نهائياً، فالرجل وصل مرحلة كان فيها رابع أقوى شخصية في البلاد بعد وزير الخزانة ورئيس الوزراء والملكة وكانت له صلاحيات كبيرة ومطلقة وعلى منواله نسج الإيطالي فابيو كابيللو، الذي لم يترك بصمة هو الآخر لأن الكرتين الإيطالية والإنجليزية أساساً لا شيء يجمع بينهما من ناحية التكتيك أو التكنيك، ولهذا عاد الإنجليز لمدرستهم الأم، وعادت حليمة لعادتها القديمة وعادت المعاناة أشد وطأة فخرج المنتخب من الدور الأول لنهائيات كأس العالم الأخيرة وربما كان عزاؤه الوحيد أنه لم يخرج وحيداً بل خرج معه الإسباني بطل العالم آنذاك والإيطالي. وما فعله الإنجليز حاول فعله البرازيليون بعد أقسى مشاركة لهم في كؤوس العالم والأقسى أنها كانت على أرضهم ويكفي أن نذكر أن شباكهم اهتزت 10 مرات في مباراتين ولهذا فكروا بتغيير جلد وهوية مدرب منتخب بلادهم وفكروا بلاتيني مثلهم، واتصلوا بمدرب مانشستر سيتي التشيلي بيليجريني، الذي رفض دخول التاريخ ربما لمصلحة الشخصية كون المنتخب البرازيلي في أسوأ أيامه. ولعل تعيين حارس مرمى هو جيلمار رينالدي كمدرب للمنتخب الأشهر شهية للهجوم في العالم يعكس استمرار معاناة البرازيل ولن تنفع تبريرات مثل أن البرازيليين بحاجة لمن يعرفهم ويعرف مشاكلهم فهذه التبريرات لم تكن موجودة يوم اتصلوا ببيلجريني وليس معقولاً أن يتم تعيين شخصية غير كاريزمية (حسب تعبير بعض الصحفيين البرازيليين) كمدرب لمنتخب يسعى للعودة لصدارة قائمة التصنيف العالمي وللفوز بكأس العالم 2018 في روسيا ولا أظن المشكلة فقط في شخصية المدرب بل في قلة المواهب (السوبر)، كما كان يحدث في السابق، حيث كنا نرى أكثر من عشرة أسماء لامعة وقادرة على تغيير مسار المباريات ضمن تشكيلة واحدة، بينما اليوم لا نجد غير نيمار وسيلفا بدرجة أقل وربما تحتاج الكرة البرازيلية لثورة أو ربيع كروي يُعيد إليها أمجادها وهيبتها التي مرمغت فيها ألمانيا وهولندا الوحل. Twitter@mustafa_agha