أحياناً يكون المركز الثالث خير من لا شيء، وأحياناً تكون مباراة التنافس عليه مثيرة للشفقة، إذا كان المتنافسان لم يدخلا إلى البطولة، إلا من أجل الفوز بالكأس والبطولة المطلقة، فهل يمثل هذا المركز الشرفي العزاء الحقيقي لجماهير هذين الفريقين اللذين يخوضان اليوم مباراة لا يمثل الفوز فيها أدنى طموحاتهما، وستكون مباراة اليوم مواجهة كبيرة نظراً لاسم الفريقين المتباريين، ولكنها في الحقيقة ليست سوى تحصيل حاصل، الفوز فيها لا يسر، والخسارة لا تضر، فأحياناً تكون مواجهة تحديد المركز الثالث هي مباراة الحصاد المر. لم يتصور برازيلي واحد من أصل أكثر من 200 مليون نسمة يمثلون العدد التقديري لسكان البرازيل أن هذه هي نهاية المشاركة البرازيلية في المونديال الذي تستضيفه بلادهم، بعد 64 عاماً من الفشل الذي حدث إبان الاستضافة الأولى، وعندما يظهر الفريق اليوم في مباراة الصراع على المركز الثالث، فهل سيكون الفوز هذا المساء حدثاً ساراً يبتهج به البرازيليون كما يفعلون في العادة عندما يلعب منتخبهم، أم أنه سيكون بلا معنى، بل مر المذاق كأنه العلقم. أما هولندا، فقد كانت كعادتها متألقة رائعة الحسن، تقدم كرة القدم الجميلة، وفي كل مشاركة يعتقد البعض أنه آن الأوان، وحان وقت الحصاد، ولكنها كعادتها أيضاً تتوقف عند محطة لا تستطيع تجاوزها، محطة الحظ السيئ الذي يرافق منتخب الكرة الشاملة ولا يجدون وسيلة للتخلص منه، وكلما حان وقت البطولة وبدأت حمى كأس العالم، تبدأ الطواحين في الدوران ولكنها تتوقف قبل نهاية المشوار، وفي كل مرة يتم فيها ترشيح هولندا لبطولة المونديال، يكون الجواب سريعاً، ليس الآن، فلم يحن موسم حصاد البرتقال. وبينما تتجه الأنظار إلى الغد، إلى يوم الأحد، عندما يلتقي المنتخبان الألماني والأرجنتيني في المشهد الأخير، يخوض اليوم المنتخبان البرازيلي والهولندي مباراة أشبه بالبروفة وكأنها إحدى فقرات الاحتفالية الختامية، وكأنهما ليسا سوى ممثلي كومبارس شاءت لهما الأقدار أن يقدما الفقرة الترويحية وطبق فتح الشهية، قبل الوجبة الرئيسية والمباراة النهائية. هذه هي كرة القدم، قد تكون أحكامها ظالمة ومختلفة، وفي كثير من الأحيان تكون منصفة، وفي البطولة الحالية يجب علينا الاعتراف أنها كانت غاية في الإنصاف، فقد وصل الطرفان الأفضل إلى المباراة النهائية، نجوم التانجو وماكينات الألمان، أما الطرفان اللذان ضلا الطريق في منتصف المشوار فليس لهما سوى السلوان، وليس عليهما سوى الصبر، والعزاء سيكون هذا المساء في مباراة المركز الثالث أو الحصاد المر. Rashed.alzaabi@admedia.ae