مساء أمس الأول، استضاف مجلس الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحضور سموه محاضرة علمية قيمة لعالم المحيطات الدكتور ديفيد غالو، حول هذه المساحات المائية الهائلة التي تحيط باليابسة، وتغطي نحو75? من مساحة الكرة الأرضية، ولايزال الإنسان يجهل أعماقها. استعان المحاضر بأفلام وصور للحديث عن بعض من أسرار أعماق بحار لا نعرف عنها سوى القشور حتى الآن رغم التطور العلمي الهائل الذي تحقق للإنسانية على مدى العقود الماضية. وها هي اليوم- كما قال الرجل العالم الذي يعد أحد العلماء البارزين في مجاله على مستوى العالم- تتطلع البشرية للاستفادة من البحار والمحيطات للمساهمة في مواجهة تحديات التغيرات المناخية والظواهر التي نجمت عن إفراط الإنسان في استنزاف الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها ظاهرة الاحتباس الحراري. ونقل الدكتور غالو الحضور إلى تلك الأعماق السحيقة للمحيطات، ونحو أقصى نقطة وصل إليها الإنسان في تلك الأعماق، وهو العالم الذي شارك مع مخرج فيلم “تايتانيك” المخرج جيمس كاميرون في الوصول إليها، ناقلاً صوراً ومشاهدات عن حياة وسلوكيات كائناتها. وقدم الرجل رؤيته فيما يتعلق بأحد أغرب وأعقد الغاز الطيران في عصرنا، والمتمثل في اختفاء طائرة الركاب الماليزية المفقودة الرحلة MH370، خاصة وأنه شارك في تحديد موقع حطام الطائرة الفرنسية الرحلةAF447 في أعماق الأطلسي، والوصول عام 2011 إلى الصندوق الأسود الخاص بها بعد عامين من العثور على حطامها في العام2009، إثر اختفائها من شاشات الرادار خلال رحلتها من ريو دي جانيرو إلى باريس. وتتمثل رؤيته في استبعاد المنطقة البحرية لمسار الطائرة باعتبار أن مياهها ضحلة، والتركيز على المحيط وأعماقه، وتوقع العثور على أثر لها إن عاجلاً أو آجلاً، داعيا الجميع وبالأخص أقارب الضحايا للصبر وإتاحة المزيد من الوقت للجهود التي تبذلها الحكومتان الماليزية والأسترالية للوصول إلى الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، ومن بعد ذلك فك لغز اللحظات الأخيرة للطائرة وركابها. استضافة عالم متخصص في استكشاف البحار والمحيطات في المجلس العامر لسمو ولي عهد أبوظبي، وضمن سلسلة محاضرات الموسم الرمضاني، يجسد حرص الإمارات على متابعة أحدث الجهود العلمية للبشرية من أجل التوصل لحلول تسهم في مواجهة تحديات التطور العمراني والصناعي والنمو السكاني، وما تحمل لمستقبل البشرية على هذا الكوكب الذي نتشارك العيش فيه. وهو حرص نابع من اهتمام قيادتنا الرشيدة بالحرص على الموارد الطبيعية وصونها لصالح الأجيال المقبلة، اهتمام يتجسد في جملة من المبادرات التي تعكس انشغالها الدائم بالمستقبل وما يحمل. وقد كانت المبادرات البيئية والتوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة والبديلة أحد جوانب ذلك الاهتمام والانشغال بالمستقبل. ولا زلت استحضر دعوة سموه العام الفائت لأحد العلماء المتخصصين في محاضرة بمجلسه العامر عندما نادى لتضافر الجهود العلمية لإيجاد حلول لمستقبل المياه في المنطقة، وهي تواجه ندرة في هذا المورد الحيوي خلال الخمسين عاماً المقبلة. هذا الانشغال الحميد للقيادة بالمستقبل أحد ملامح الاطمئنان للغد الذي يميز شعب الإمارات، بفضل من الله والرؤية الاستشرافية لقيادة وطن الطموح والتميز. ali.alamodi@admedia.ae