أليست هذه من مهازل التاريخ، عندما تصبح دولة بحجم كف اليد، قوّة طاغية تمدد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وتصبح مثل حشرة ناقرة في أذن أسد.. أليست هذه نقمة إلهية حلّت بالعرب؟ حيث تتفكك دول وتصبح طرائق قدداً، لا ملامح دولة لها ولا سيادة. والأنياب تتقاذفها يمنة ويسرة، ولا ضمير يستيقظ ولا مشاعر تستعيد الحياة، وتعرف أن الله حق، وأن ما يجري في كثير من الدول العربية، هو طوفان جهل، عم وتفشى بسبب أفكار وهمية، تفشت وانتشرت وأصبحت جزءاً من الواقع الثقافي للناس، لذلك لا بأس لديهم بأن يصدقوا بأن أي دولة نكرة بحجم الذبابة يمكن أن تقلب الموازين وتثير الضغائن وتنشر الأحقاد، وتقف مع هذا ضد ذاك، مستخدمة المال فقط لتسيل لعاب الكلاب الضالة، وتدفعهم للنباح، وأكل جثث البشر، والقضاء على الأخضر واليابس. دولة تمارس الخبث السياسي، مستفيدة من ضعاف النفوس، والذين عاشوا في غيبوبة الأديان الوهمية، وغطوا تحت لحاف شعارات باهتة، وعاثوا في الأرض فساداً، فلا غرابة أبداً عندما نسمع عن آخرين يسيئون للإسلام في رسم كاريكاتير، أو فيلم سينمائي، أو مقال، أو رواية.. فلماذا نغضب من سلمان رشدي أو سواه، عندما يوجد من ظهرانينا من يضربون الإسلام في العمق، ويقدمون للعالم صورة شائهة، وقبيحة، للدين الذي علم الناس ما لم يعلموا.. لماذا ترتعد فرائضنا عندما يسيء لنا الآخرون، ونحن نواجه موجة عارمة تحمل على ظهرها أحافير بشر جاؤوا من أصقاع العالم ليدرسوا كيف نعيش، وكيف نحكم أنفسنا، وكيف نفهم ديننا، هذه الأحافير ما كان لها أن تستيقظ من تحت الأرض إلا لأن دويلة الحنث والخبث والرث، فتحت مواسير المال «الغازي» ودفعته في أفواه المرتزقة، والمشردين، والمنبوذين وأنصاف البشر، وولتهم على أوطان ووجدان وأشجان وجعلت منهم فوهات هدم وقتل وبطش. اليوم العراق يُعاني، وغداً سوف يصير دويلات وممالك طائفية، وكذلك سوريا المفتتة والتي تسير على طريق ليبيا المسحوقة تحت أقدام حفاة عراة، يعانون شيزوفرينيا، ويفكرون بدويلات لم تخطر إلا في بال متعجرف وجبان.. ولكن نقول لهذه الدويلة، كما تدين تدان، والديان لا يموت.. «... مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا...»، واليوم يموت الآلاف من الأبرياء، بسبب هذا التعنت والتزمت، والاستكبار وبسبب اعتناق قصص الخيال، كوسيلة لتحقيق الذات والتعويض عن عقد النقص، وأذكر أن طفلاً صغيراً أراد أن يقلد أباه فارتدى جلبابه، ومشى في الطريق، فإذا به يتعثر في الثوب ويقع على وجهه، ويتأثر بكسر في جمجمته ما أحدث لديه عاهة مستديمة، وأتمنى أن يتعثر كل عدواني وبغيض، وأن يلقى مصير الذين كرهوا الحياة، فكرهتهم ولفظتهم، وقذفت بهم في مزابل التاريخ إلى أبد الآبدين.. فأين هتلر.. أين موسوليني.. أين نيرون قبلهم، جميعهم ذهبوا إلى الجحيم لأنهم اعتدوا على العدالة الإلهية، فنالوا شر الجزاء. Uae88999@gmail.com