في مهنتنا، قد نقع في بعض الأخطاء، دون أن نقصد طبعاً، لكن الخطأ يمر على الجميع، ويضعنا أحياناً في مأزق أمام القارئ بمباركة الجميع، لا سيما إذا كان هذا الخطأ يندرج تحت بند «الخداع البصري» وهي تلك الكلمات التي تتشابه في حروفها باستثناء حرف أو اثنين، فتقصد واحداً منهما، غير أنك تكتب الآخر. في العلاقة بين الأندية والجمهور، والعكس.. هناك أيضاً لون من «الخداع»، لكنه بصري وسمعي وفني، فكلاهما يريد من الآخر ما يفوق قدراته، ويفوق حدود الأرضية المشتركة للتعامل التي ارتضياها لتكون جسراً بينهما، فالنادي في أحيان كثيرة، لا يعد بالبطولة، ويرفع شعار «البناء»، لكنه سرعان ما يخضع للإملاء .. إملاء الجماهير التي تنسى واقع فريقها، وحاله وحالها، وتطالبه بما لا يستطيع. من هنا يبرز السؤال: «ماذا يريد الجمهور؟» .. بالطبع هو يريد البطولة أياً كانت.. تكفيه واحدة وإن جاءته يتطلع للثانية والثالثة.. وهكذا .. دون إدراك لحاله والظروف التي يعيشها الفريق، ودون أن يسأل نفسه عن مقومات البطولة، ظناً منه أنه كل المقومات، وأنه بفضله هو أهل للانتصارات واعتلاء المنصات. البطولات مهرها غالٍ، وعلى الجمهور أن يعرف أن أول سطر في أي بطولة، هو المال، وبحسب ما لديك، يجب أن تكون أحلامك، وهذا ليس حال الكرة لدينا فقط، لكنه حالها حول العالم، دون أن تغير من تلك المعادلة الاستثناءات التي تحدث بين آن وآخر، فنحن أيضاً تحدث لدينا استثناءات، لا سيما في بطولات الكأس، التي قد تجعل فيها مباراة - مجرد مباراة- كل الأحلام حقيقة، لكنها لا تعبر عن الواقع، ولا تختزل طبائع الأمور ومساراتها الطبيعية. وإذا كان المال هو عصب البطولة، فهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية عنه، وترتبط أيضاً بالمال ارتباطاً وثيقاً، وأهمها مدى ثراء تشكيلة الفريق بلاعبين مواطنين جيدين، وكذلك قدرته على جلب أجانب على قدر عال، يمثلون إضافة للفريق، بدلاً من التعاقد مع «أجانب والسلام»، حتى يقال إن لديه أجانب، وإنه كغيره، فاوض واشترى ودفع، وإضافة إلى هؤلاء، تحتاج الفرق إلى مدربين قادرين على قيادة الدفة إلى شاطئ البطولات، ثم تأتي الجماهير، وهي وإن كانت اللاعب رقم واحد أو 11 إلا أنها ليست طرفاً فاعلاً في المعادلة مثل المال، بل إن حشدها في أحيان كثيرة، يحتاج هو الآخر إلى المال، سواء لتأجير حافلات تقلها خلف الفريق أو دعم جمعية الجماهير، أو حتى شراء تذاكر للمباريات توزع عليها، وعلينا أن نعترف أن زمن هذا الارتباط العاطفي «الدرامي» قد ولّى، إلا من قلة قليلة تتشبث بالزمن الجميل، وتربت على حب فريق، قد تفعل من أجله أي شيء، لكن الغالبية، يريدون ولا يقدمون، ولا يصبرون. وتبقى الأندية، والتي عليها أيضاً ألا تغالي في سقف الطموحات، وتصيب الجماهير هي الأخرى بهذا الخداع، وأن تتحلى بالواقعية، وإذا قالت إنها تبني فريقاً، ليرى الجمهور ثمرة البناء.. يرى شباباً واعدين .. يرى حلماً يلوح في الأفق .. يدرك أنه على موعد مع أمله بعد حين .. بدلاً من تبادل الخداع بين «الطرفين». كلمة أخيرة: الوهم سلعة رائجة.. لكنها تفسد سريعاً mohamed.albade@admedia.ae