كان من المتوقع أن يخطو مسرح الإمارات خطوات واسعة وأن يجود من الاشتغال المسرحي وأن يقدم أعمالاً جميلة تكون ملفتة وقادرة على المنافسة في منطقة الخليج العربي وأن يفوز على مسارح عريقة في المنطقة، وقد كتبنا كثيراً وتوقعنا هذا الصعود المؤكد في مسرح الإمارات، وذلك لطريقة العمل الجاد والمبرمج والمستمر خلال الأعوام المنصرمة، واستمرار المسابقات والمهرجانات وروح التنافس الحرة والمتجددة بين فرق الإمارات، كان لابد من ذلك أن يُظهر بعض الأعمال الجيدة والمهمة التي لديها القدرة على الفوز ومنافسة سائر الأعمال المسرحية. وعندما يلتقي المبدعون والفنانون الصادقون والحريصون على عملهم واستمرار الاشتغال على الفكرة الجيدة والإخراج المتعوب عليه والاستفادة من التجارب الماضية ومسايرة المتغيرات على أرض الواقع من تحولات في المجتمع والمحيط وما تفرزه المؤثرات الخارجية على المجتمع والناس. إن ذلك حافز للفوز وتجويد العمل والاشتغال بروح وبطرق جديدة تناسب هذا المتغير، وهذا ما أكدته مسرحية “نهارات علول” التي قدمت في أيام الشارقة المسرحية، وعادت بدور الحرفية والذكاء من المخرج والممثل الذي قادته تلك التجارب لتنافس كل الأعمال الخليجية وتتفوق عليها بجدارة، خاصة أن النص الذي تم الاشتغال عليه “نهارات علول” يطرق ما يحيط بالناس الآن كما هو أيضاً طرق أبواب كثيرة في الماضي في المحيط العربي، إنه نص يحمل حقيقة الأشياء وحدوثها بالتأكيد في أكثر من موقع ومنطقة، إن النص الذي يخاطب العقل والواقع ويطرق الأبواب والنوافذ بصدق لابد أن يتم الالتفات إليه والاقتناع به كنص أمين على نقل ما يدور في الحياة سواء جاءت اليوم أو مرت في ماضي الأمس وعرضه لزاماً لتوعية المتلقي أن المسرح هو المعلم والمدرسة التي تأخذ بيدنا نحو الفهم والمعرفة والتفكير وأن هذه الخشبة يجب ألا يعرض عليها غير المفيد والمشخص لحالات الناس والمجتمع والواقع، ثم إضاءة الدروب للسائرين الى مصدر النور والفهم والمعرفة الحقة. وهذا الفوز الذي حققته مسرحية نهارات علول ومطالبة البعض أن يعبر هذا العمل ويشارك خارجياً باسم منطقة الخليج العربي ومسارح الخليج هو صوت من شعر بأن العمل كبر ونضج بصورة أكبر من العرض الماضي وأن المشتغلين على هذه المسرحية قد نهضوا بالعمل ومستوياته الفنية والإخراجية إلى مستويات كان لابد أن ينال المرتبة الأولى في هذه المسابقة الخليجية. هذا العمل سوف يحمل الفنان مرعي الحليان مسؤولية أن يكتب للمسرح بمثل هذا المستوى من الوعي الفني الذي يخدم قضايا المجتمع؛ وأيضاً هذا الفوز يعني للمخرج حسن رجب ظهوراً جديداً متميزاً ويحمله البحث عن مستويات جديدة وواعية لإخراج أعمال مشابهة ذات أبعاد فنية رفيعة، وكل هذه التجارب والمشاركات الجادة في مسرح متوهج الآن في الإمارات عبر هذا النشاط المستمر للمسرح والمشاركات المحلية والخليجية والعربية. إن أبوابا كثيرة تفتح للمسرحيين في الإمارات ومنطقة الخليج العربي للإبداع المسرحي والتنافس الشريف الذي يثري العمل ويطوره ويأخذ به إلى مسافات بعيدة، إن الجائزة الكبيرة التي قدمها وسوف يقدمها في المسابقة القادمة، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والتي سوف تبدأ بعد فترة قادمة ليست ببعيدة سوف تشعل روح العمل عند كافة المسارح وبالتأكيد سوف تقدم أعمالا جميلة وجديدة وتقدم أيضاً عناصر مسرحية جديدة على المستويات المختلفة من ممثلين ومخرجين وكتّاب نصوص وفنيين وسوف تلمع أعمالهم. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com