بعد مخاض عسير، وحروب طاحنة، قبلية، وعقائدية، أحرقت القوت والقات في اليمن، يتوصل هذا البلد الممزق، إلى حل وسيط وقد لا يكون كذلك، إذ يقسم اليمن إلى ست محافظات، أربع في الشمال واثنتان في الجنوب.. وما يخيف في هذا التجريف الجديد هو أن القبلية في اليمن، ضربت أطنابها، والطائفية تتنامى كما يفعل المرض العضال، وفي هذا التقسيم سوف يكون للنزعة الانفصالية طريق سهلة، وعنوان بارز لاقتناص الفرصة من أجل عزل محافظة عن أخرى أو قبيلة عن سواها، خاصة أن الحكومة المركزية لم تزل تعاني ضعف الأداء والأداة، وتواجه معضلة صدأ الأداة الأمنية التي من المفترض أن تكون الدواء الذي يشفي من الأدواء ويمنع تسرب الداء في الجسم اليمني.. فاليوم الحوثيون يتوسعون على حساب قبائل أخرى «حاشد»، وينتهكون سيادة البلد، كما أن القاعدة تغرس معاول الهدم في الجسم الاجتماعي اليمني، وتبطش في منجزات اليمن الذي لا يزال يعاني أمراضاً اجتماعية واقتصادية وصحية فتاكة. وفي الجهة الأخرى، يقف الحراك الجنوبي كجبهة صد ورد ضد أي مشروع لا يعطي للجنوب دولته السابقة.. إذاً التوزيع الجغرافي لليمن قد يصطدم بقوة الجدار الديمغرافي، وقد يجد صعوبة في التنفس عندما يفكر الحوثيون المدعومون من الخارج بالاستئثار بالمنافذ البحرية على البحر الأحمر، وكذلك مناطق النفط، واليمن لا يحتاج إلى مزيد من استنزاف الموارد، خاصة بعد الانتصارات المدوية للحوثيون على مناوئيهم من بني الأحمر، ووقوف هذه القوة الطائفية العنيدة على مشارف صنعاء، في حين تحاول الحكومة برئاسة عبده منصور هادي أن تتلمس هذا الصراع، بخفة يد دون التوغل في صراع مباشر لمعرفة هذه الحكومة، إن الدخول في صراع مع الحوثيين لن يقدم إلا مزيدا من الضحايا والخسائر المادية، دون الظفر بفوز على الأرض، والتجربة السابقة في عهد علي عبدالله صالح ماثلة على رجالات الحكومة والجيش كذلك.. لذلك فإن البلد الذي يواجه كل هذا الانحسار في الوازع الوطني تجاه دولة واحدة بسيادة مصونة، لن يربح من الأقاليمية سوى تقليم أظافر الدولة المركزية، وفتح شهية من في نفسه غرض إلى مزيد من الاحتيال على السيادة، طلباً للانفصال، وكذلك بسط النفوذ والسيطرة على بقية الأقاليم حتى ما تمكن، خاصة في ظل الدعم الخارجي، وفي ظل الأطماع التي تبديها دول أصبحت مثار خوف على اليمن، وعلى جداره العربي. Uae88999@gmail.com