عاد شيخ الفتنة يوسف القرضاوي إلى تغريداته الملأى بالتحريض والتخريب، وبعد أن فشل هو وجماعته المخلوعة والمنبوذة في مساعيهم لاستغلال ما يسمى بالربيع العربي، وخسروا خسراناً مبيناً، ها هو يعود مرة أخرى، ليلعب بورقة فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، ويركب هو و«إخوانه» موجة المقاومة الشريفة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني وأطفال الحجارة، وليت تلك التغريدات صادقة ومخلصة، لكنها للأسف أقرب ما تكون إلى النعيق على التلال التي خربتها يده ويد من معه. فشيخ الفتنة يقول: إن الانتفاضة أُطلقت، وكأن الفلسطينيين ينتظرون أحداً يخبرهم أن انتفاضتهم قد انطلقت وهو من أطلقها.. ويقول في تغريدته الأولى: «الاحتلال الصهيوني أحكم خطته لابتلاع القدس وسلخها عن جلدها الإسلامي، وقد تحدى وتعدى، ولم يجد من أمة الإسلام من يصده أويرده».. ونتساءل من هي أمة الإسلام التي يتكلم عنها؟ ونتساءل أين العلماء المسلمون الذين يعتبر نفسه رئيساً عليهم؟ أليسوا مشغولين كما كانوا منشغلين طوال السنوات الماضية عن القدس وفلسطين، وكانوا يجرون بأيديهم وأرجلهم للسيطرة على الحكم في مصر وتونس أو حتى في أي بلد آخر مهما كان كبيراً أو صغيراً، فالمهم أنهم يريدون السلطة والحكم، أما فلسطين وقدسها ومسجدنا الأقصى، فكان كل ذلك خارج حسابات القرضاوي و«الإخوان»، وآخر ما يهمهم ويشغلهم، ولكن يبدو أن اليأس جعلهم يرجعون إلى قضية المسلمين والعرب المركزية، والأولى بهم أن يسترجعوا بعضاً مما فقدوه من شعبية وهيبة. ويبدو واضحاً أن القدس وقضية فلسطين لم تكونا هدف القرضاوي من تغريداته، وإنما قضايا أخرى، ولكن للأسف دائماً فلسطين هي القضية التي يستغلها الجميع، ففي تغريدته الثالثة عن فلسطين يقول القرضاوي: «أين برويز مشرف الذي قام بانقلاب عسكري منذ سبعة عشر عاماً؟ إنه في مكانه اللائق به وبأمثاله، وعما قريب يلحق به آخرون».. إذاً هذا هو الهدف من تغريدات شيخ الفتنة، ربط القضية الفلسطينية بما يصر على تسميته «انقلاباً»، سواء في مصر أو غيرها، وهذا استغلال واضح وصريح لأشرف وأقدس قضية لدى الأمة الإسلامية، ولم نكن نتمنى من القرضاوي وغيره أن يستغلوا هذه القضية المقدسة لتصفية حسابات حزبية وأيديولوجية وسياسية، فاحتلال فلسطين وتدنيس الأقصى أكبر بكثير من ربطهما بخلافات سياسية ومصالح دنيوية، لم نكن ننتظر هذه السقطة الجديدة من شخص لا يزال البعض ينظر إليه بوصفه رمزاً دينياً، يستمعون إليه ويقتنعون بآرائه، ولم نتمن هذا الخلط غير الموفق بين قضيتين مختلفتين في مكانين مختلفين، ولم نكن نتمنى الاستمرار في تمجيد الموت، والدعوة إليه من جديد، فيكفي ما خسرته الدول العربية من أرواح شبابها في مظاهرات ومسيرات ومواجهات بين أبناء البلد الواحد بسبب دعوات مثل هذه، ولأسباب دنيوية آنية، فتلك الأرواح الغالية لا تبذل إلا من أجل أهداف سامية وغايات نبيلة، وليس في سبيل خلافات سياسية أو أيديولوجية. والقرضاوي في واحدة من تغريداته يقول: «نريد أن ننبه الغافلين، أن نكشف الخائنين، أن نشد على أيدي المجاهدين الذين صمموا على أن يعيشوا أعزاء أو يموتوا شهداء».. أتساءل لماذا يصر القرضاوي كغيره من أتباع الجماعات التي تدعي أنها إسلامية أو جهادية، مثل: «القاعدة»، و«داعش»، وحزب الله، وغيرها، لماذا يصر جميع أولئك على الحديث عن الاستشهاد والدعوة إلى الموت؟! لماذا لا نسمعهم يتكلمون عن الإصرار على الانتصار، وإلحاق الهزيمة بالعدو واستعادة الحقوق المنهوبة والمقدسات المسلوبة؟! لماذا يدفع القرضاوي وأمثاله الشباب إلى الموت، وهم أغلى ما تملك الأوطان؟ لماذا نستسهل الموت مع أن النصر أسهل وأجمل وأفضل؟ حمى الله فلسطين، وحفظ شعبها من المحتل الغاشم، ومن كل مستغل ومزايد ومتاجر وجاهل.