«لو باقي ليلة» لم ترد فقط في سياق تلك الأغنية الخليجية الشهيرة، ولكنها باتت تتردد في جنبات ميدان بعيد عن الفن. يوم الخميس الماضي فوجئ أحد أولياء الأمور في قاعة تسجيل الطلاب المستجدين بمدرسة خاصة في ضواحي مدينة أبوظبي، برفض الموظف المسؤول تسجيل الطفل بحجة السن، فلما رد عليه الأب بأن الفارق مجرد يوم، كان رد الموظف حتى «لو باقي ليلة»، و«السيستم ما يقبل»!!. قبل ذلك تابعنا اعتذار مدارس أخرى عن عدم تسجيل المستجدين، ومنح الأولوية - كما يزعمون - لمن لديه أخ في المدرسة ذاتها. وهي كلها مبررات تكشف عن حجم المشكلة التي يحاول المسؤولون عن قطاع المدارس في مجلس أبوظبي للتعليم التقليل منها، ولكنه الواقع المر. وتسبب هذا الواقع في رفع مدارس خاصة لرسومها وأسعار خدماتها بحيث لم تعد العلاوة التي تصرفها جهات العمل كافية لمواجهة هذه الارتفاعات غير المقبولة، وتجلى كذلك في صورة تزايد طالبي إعانة وكفالة طالبي العلم من المؤسسات والهيئات الخيرية العاملة في الدولة. كما علقت مدارس أخرى تسجيل الطلاب ريثما تحصل إدارات هذه المدارس على موافقة «أبوظبي للتعليم» بزيادة الرسوم بالمستويات التي تريدها. وكل من هذه الجهات تستغل الأزمة وتوظفها بطريقتها الخاصة، وبما يخدم مصالحها، متناسية مسؤولياتها الأدبية والمجتمعية، والرسالة التي يفترض أن تحمل لواءها في تعليم الأجيال. العام الدراسي المقبل سيكون حرجاً على الكثير من عائلات الأطفال والتلاميذ المستجدين الذين لم يجدوا لأبنائهم مقعداً دراسياً حتى الآن، وذلك ريثما ترى النور مشاريع المدارس الجديدة التي أعلن عنها مجلس أبوظبي للتعليم، وكذلك بعض شركات المدارس الكبيرة. الأزمة الحالية شارك فيها قطاع التعليم والمدارس في المجلس، خاصة أنه عوّل كثيراً على تفاعل القطاع الخاص مع مبادراته وتخصيص أراض لهم، وقام بعد ذلك بسحبها بعد تلكؤ المستثمرين في بناء المدارس، وبالذات في ضواحي أبوظبي، والمناطق الحضرية الجديدة خارج الجزيرة. كما تسرع القطاع في تأجير الكثير من مدارسه لصالح مدارس الجاليات، ما فاقم من الوضع الذي تزامن كذلك مع انتهاء مهلة المجلس للعديد مما يُعرف بـ «مدارس الفلل»، لنصطدم بصورة صارخة من صور عدم التخطيط الجيد للحيلولة من دون ظهور الأزمة التي كشفت أيضاً عن أن شركات القطاع الخاص العاملة في الميدان لم تكن بمستوى الثقة الكبيرة والآمال العريضة الموضوعة عليه من قبل الدولة. والدليل التردد الذي صاحب خطوات الكثير من المدارس الخاصة وعزوفها عن التوسع وافتتاح مدارس جديدة لأنها تنتظر الدعم من الدولة، وتناسوا كل ما قُدم لهم من تسهيلات، سواء بالأراضي وعدم وجود ضرائب وغيرها من الحوافز التشجيعية. نتمنى أن يدرس مجلس أبوظبي للتعليم بصورة جدية إمكانية اعتماد عدد من مدارسه للدراسة المسائية من أجل توفير المزيد من المقاعد الدراسية للطلاب المستجدين أو المنتقلين من مدارس مناطق أخرى من داخل أو خارج الدولة. فلا شيء أصعب على كل ولي أمر من أن يجد ابنه من دون أقرانه قابعاً في المنزل بدلاً من أن يكون معهم هناك على مقاعد الدراسة، حيث تبدأ الأحلام صغيرة حتى تكبر. ali.alamodi@admedia.ae