«عيالنا معنا» مبدأ إنساني، جاء على لسان من صاغوا فلسفة الحياة على أسس مثالية ومن نبع واقع لا يخل ولا يزل.. عندما تشاهد رجلاً أو امرأة تصطحب طفلاً أو طفلة تمسك باليد الصغير وتعبر به ممرات الحياة باتجاه المدرسة، تشعر بالفرح، وتغمرك سعادة لا متناهية، تشعر أن هذا الكائن الصغير في أيد أمينة وأن مستقبله لن يضيع في خضم الاغتراب والاستلاب، تشعر أن بلادنا على موعد مع جيل يشرب من نبع أمومة حانية وأبوة وفيّة، تشعر أن الإنسانية بخير.. هذه المشاهد صادفتها بنفسي، والأطفال الصغار يمسكون بفخر واعتزاز بأصابع أولياء الأمور الذين أعطوا الأولوية للأبناء وقبل أي مشاغل حياتية، وضحوا براحتهم من أجل الحفاظ على الأمانة وتحملوا أعباء الزحام في الطرق أو المسافات الطويلة لكي يؤدوا الأمانة بصدق وإخلاص ولكي تطمئن قلوبهم على أبنائهم؛ فهؤلاء هم الرصيد وهؤلاء هم الأمل وهؤلاء هم شجرة المستقبل التي ستقدم ثمارها اليانعة بكل سخاء، وسوف تبذل كل ما بوسعها لتبر الوطن وتبر الوالدين وتعمل بجد واجتهاد من أجل رد الجميل.. هذا المشهد والآباء والأمهات يتأبطون بأنفسهم حقائب الأبناء يثير في النفس مشاعر قد لا يستطيع الإنسان شرحها عبر الصفحات البيضاء، لأنها مشاعر أشبه بكائنات سحرية تطل على القلب بشعاع رهيف ترتعد له الأبدان.. هذا المشهد يعيدنا فعلاً إلى الزمان الجميل، إلى المكان الذي كان فيه الوالدان، هما وتدا الخيمة وهما شراع السفينة وهما جذر النخلة، وهما الموجات التي توشوش في أسماع الصغار، وتلهمهم معنى الحب ومعنى تلاقي الأرواح ومعنى الانسجام العاطفي ما بين الزوجين والذي يؤدي بدوره إلى علاقة سوية مع الأبناء بحيث يصبح هؤلاء الصغار هم أغصان الشجرة التي ترفرف بفعل النسائم التي تهبها لهم مشاعر الوالدين.. هذا المشهد يعيدنا إلى زمن ما فرط بسمعة طفل ولا بحياته ولا بصحته، رغم شح ذات اليد، إلا أن المشاعر نفسها كانت كنزاً يطوق الأبناء بهذه الهالة العاطفية الجميلة.. هذا المشهد تدمع له العين فرحاً لأنه استعاد زمناً كاد أن يطفئ أنواره ويذهب، ولكن النبت الطيب لا يفقد معناه حتى وإن مر بوعكة، فلابد أن يعود، كما أن مجلس أبوظبي للتعليم لم يدخر وسعاً في التذكر وفي بث روح النهوض من أجل صياغة علاقة سوية بين الآباء والأبناء.. نشكر كل المخلصين لأنهم طريقنا إلى حياة خالية من المنغصات.