بإعلان اللجنة الوطنية المنظمة للانتخابات نتائج انتخابات الفصل التشريعي السادس عشر للعام 2015، مساء السبت وبعد ساعة ربما من انتهاء عملية التصويت على مستوى الدولة، يكون الستار قد أسدل على النسخة الثالثة من الانتخابات التشريعية لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، عملية التدرج الديمقراطي في الإمارات بدأت في العام 2006 وبقائمة انتخابية بلغت نحو ستة آلاف مواطن يومها لتصل إلى أكثر من 200 ألف إماراتي صوتوا بنسبة بلغت 37% تقريباً من مجموع المسموح لهم بالتصويت. استحوذ المرشحون الرجال على المراكز العشرة الأولى من الذين حظوا بأعلى الأصوات في كل إمارات الدولة باستثناء أربع نساء، أما بالنسبة للعشرين عضواً المؤهلين لدخول المجلس فكلهم رجال باستثناء ناعمة الشرهان السيدة الوحيدة التي ستدخل المجلس فائزة بالتصويت عن إمارة رأس الخيمة وبنسبة أصوات عالية، إضافة لذلك فإن الشريحة العمرية للفائزين تميل بشكل عام للشباب ما يعبر عن طبيعة مجتمع الإمارات الذي يشكل الشباب نسبته العظمى، كذلك فقد تجاوز المجلس الوطني المؤهلات الدراسية المتوسطة للأعضاء لتصل نسبة حملة الشهادات الجامعية إلى مستوى عالٍ منذ العام 2006. إن كل الذين فازوا في الانتخابات يمتلكون أرضية جيدة من الخبرة وسنوات العمل في خدمة الوطن مع ملاحظة نسبة متقدمة من أبناء المؤسسة العسكرية، حيث يشكل الأمن هاجس الجميع اليوم، إضافة لاهتمامات البعض بالعمل العام ما يعني أن القاعدة الجماهيرية التي اكتسبها البعض باحتكاكه بشؤون الناس وهمومهم وقضاء حوائجهم قد شكلت له متكأً جيداً للفوز بأصوات كثيرة، وهذا ما سبق وذكرناه في مقال سابق عن أن أحد معايير اختيار الناس للعضو معرفتهم اللصيقة به وبسيرته الخاصة في الوظيفة العامة والعمل التطوعي والنشاط المجتمعي، دون أن نغفل الاتجاهات العامة التي تحكم تفكير المجتمع الذي يميل أفرادة نحو الالتفاف والتآزر حين يتعلق الأمر بمعاونة الأخ وابن العم وابن القبيلة وابن الحي والصاحب وال...الخ، وهي أمور متجذرة في مجتمعات الشرق جميعها ! الملاحظة التي تكررت في كتابات وتغريدات الكثيرات والكثيرين على مواقع التواصل حول عدم فوز النساء في هذه الانتخابات (باستثناء السيدة ناعمة) يعود ربما لعدم اشتغالهن بشكل قوي على أنفسهن من خلال الحملات الانتخابية واستغلال مواقع التواصل، وربما بسبب أن بعضهن غير معروفات بشكل جيد للهيئة الانتخابية، وغيرها من الأسباب التي تحتاج إلى بحث أعمق لإثراء تجربة المرأة، لكن في نهاية الأمر هذه هي اللعبة الديمقراطية سباق نحو المجلس من خلال الصندوق يحتمل الخسارة كما يحتمل الربح، وسواء ربح البعض أو خسر البعض الآخر، المهم أن يبقى الوطن رابحاً وفائزاً على الدوام.