لن تجد منتخباً يلتف حوله كل العرب مثل العراق ولن تجد فريقاً له في كل بلاد الدنيا أسود يحتفون به ويلتفون حول لاعبيه في بهو الفندق، وفي الشوارع ويحضرون إلى اللاعبين ومعهم «الباجة والدولما» كأسود الرافدين.. لهم في كل الصدور سكن وفي البلدان بيوت. تلك الحالة ليست فقط وليدة فوز وانتصارات وإنما صنعتها حالة التحدي المنفردة التي شكلها لاعبو المنتخب العراقي.. أولئك الذين نسجوا من اليأس عناقيد فرح وأمل حتى باتوا البسمة الباقية في بلاد الرافدين التي انهكها الصراع فلا تهدأ ولا تفرح إلا بزئير الأسود. سلام يا عراق من أرض زايد إلى رجالك أينما حلوا.. سلام إلى كل طفل بات ليلته في أحضان الأمل ينتظر أن يأتيه النبأ السعيد من أرض الجنوب المجهولة.. سلام إلى كل أم أطلقت مع زفرات الصدر المثقل بالهموم دعوة صادقة لأبناء يحملون العلم والأمل.. سلام إلى أرض ترتج بنصر الأسود.. يجمعها النصر بعد أن مزقتها سنوات الصراع والقنابل والدم.. سلام إلى كل شارع كان ممشى للأحبة يعيش ليلاً طويلاً في انتظار ضوء لم يعد يشعله سوى الأسود. اليوم تخوض العراق مواجهة نارية مع كوريا الجنوبية.. لا مجال فيها للتكهن ولا شيء في أوراقها يعدل تلك الروح العراقية الباقية من نسخة 2007 حين توج أسود الرافدين باللقب الآسيوي بعد نهائي عربي مع السعودية.. وفوز العراق إن حدث بإذن الله ينعش الآمال بأن يتكرر ذات السيناريو فلا أحد ينكر ما قد يفعله الفوز العراقي لو تحقق في معنويات لاعبي الأبيض حين يواجهون صاحب الأرض أستراليا، فحتى الآن حفظ المنتخبان العربيان الإمارات والعراق ماء وجه الكرة العربية. بالأمس وعلى صفحات الاتحاد، نثر يونس محمود قائد المنتخب العراقي همومه وتحدث في كل شيء.. كان مرات يبكي وفي أخرى يحكي ويفتح نوافذ للأمل.. كان أهم ما قال إنه يعتزم الرحيل والابتعاد عن الساحرة تماماً وتخيلنا للحظات كيف سيكون الأسود من دون محمود لكننا سرعان ما عدنا للحقيقة الأوضح وهي أن منتخب العراق كله يونس.اليوم سنكون كلنا العراق.. حتى لاعبو الأبيض سيكونون خلف الأسود.. اليوم سنهتف أنشودة عربية في مواجهة أبناء الوطن العربي مع كوريا الجنوبية.. اليوم سننتظر نصف الحلم ونترك للأبيض البقية.. يارب. كلمة أخيرة: النصر يأتي لمن يستحقه وأحياناً لمن يحتاجه