خرج المنتخب الياباني من دور الثمانية في كأس آسيا وللمرة الأولى منذ نهائيات 1996 في الإمارات، خرج بعد مباراة قدم فيها الفريق كل ما كان ممكناً في كرة القدم، وسيطر على مجريات مباراة امتدت إلى 120 دقيقة، ولكنه عجز عن تسجيل أكثر من هدف التعادل، واصطدم بمنتخب الإمارات عندما صمد لاعبونا بطريقة مثالية أمام هدير الهجوم الياباني، ليخرج حامل اللقب، بهدوء تام وبلا صخب. هؤلاء اليابانيون مدهشون للغاية، طموحاتهم تلامس السماء وتعانقها، ولكن لا تخجلهم الخسارة، ولا يفت من عضدهم الخروج من بطولة هم أقوى مرشحيها، ويحملون الرقم القياسي للتتويج فيها، لم يهاجموا حكم المباراة، لم يلقوا باللائمة على الحظ الذي عاندهم ليبرروا الخروج أمام جماهيرهم، لم يخسروا كل شيء في لحظة طيش، لم يتقدم رئيس الاتحاد الياباني باستقالة فورية، لم نستمع إلى تصريحات نارية، كل ما فعلوه بالضبط وبالتحديد، هو أنهم حزموا حقائبهم ورحلوا بهدوء شديد. حتى مدربهم المكسيكي إجيري، عاشرهم فصار مثلهم، لم يقلل من فوز الإمارات، لم يمجد فريقه على حساب الخصم، وكل ما قاله إن فريقه قدم مباراة رائعة وكان يستحق الفوز، وفي ذروة خيبة الأمل التي كان يعيشها في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة لم ينس تهنئة منتخبنا على الفوز وتمنياته لنا بالتوفيق في المباريات القادمة، وكان قبل ذلك قد ذهب إلى مدرب منتخبنا مهدي علي وانحنى له وبارك له الفوز في نهاية اللقاء. هم يحسون مثلما نحس، ويشعرون كما نشعر، ولكنهم لا يمتلكون نفس مساحة الوقت التي نمتلكها، فلا مجال لديهم لجلد الذات أو تبادل الاتهامات، فكل جزء من الثانية عندهم محسوب، ولا وقت لديهم للبكاء على اللبن المسكوب، لن تمر الأمور لديهم مرور الكرام، لن يبحثوا عن كبش فداء أو ضحية، ولكنهم سيبحثون عن أسباب الفشل الحقيقية، وسيجتهدون في إيجاد السبل التي تعيدهم لاقتناص الكأس الآسيوية. جرت العادة أن يتعلم المهزوم من الفائز، وأن يفتش خلفه ويبحث عن أسرار نجاحه في الفوز، ولكن أحرجنا كثيراً هؤلاء القوم، فما أروع الثقافة اليابانية التي جعلتهم يصلون إلى ما وصلوا إليه في كل المجالات، وأستطيع أن أقول دون أن أخشى اللوم، دعونا نأخذ أفضل ما لديهم ولنتعلم منهم، فهذا موقف يتعلم فيه الفائز من ثقافة المهزوم.