في هذه الطفرة التاريخية، أصبح المكان الإماراتي عامراً بما يزخر به الوجدان، والآن نحتاج إلى هذا الزخم أن يكون مجسداً في مدارسنا وجامعاتنا وأنديتنا ومراكز الأنشطة الثقافية، نحتاج إلى صدور الأبطال، مجسدة على ساحات هذه المؤسسات التعليمية والثقافية والرياضية، ليكونوا مثالنا ونموذجنا على مر الأزمان، ليكونوا أرواحنا المرسومة على الجدران، ليكونوا الدرس الخصوصي لشبابنا الذين يحتاجون إلى هذه الذاكرة، وإلى هذه المفخرة، وإلى هذه التضحيات المسطرة، وإلى هذه الملاحم الأسطورية التي نقشها بواسلنا بالدم والروح. نحتاج إلى مثل هذه الخطوات، لأن الوطن الذي أنتج مثل هؤلاء الجهابذة، يستحق أن يكرم بصور رجاله الأشداء، ويستحق هؤلاء أن يكونوا ذاكرتنا التي لا تغيب عنها الشمس، ويستحق شبابنا أن يكونوا حاضرين دوماً في المشهد الوجودي النبيل. فهذه الحرب على أعداء العروبة والإسلام، شكّلت تاريخاً جديداً للمنطقة، وأعادت التوازن إلى الوجدان العربي، ورسمت صورة مشرقة ومشرفة للإنسان العربي، فمتى ما اتحدت الإرادات تتهاوى كل الجدران العالية، وتسقط أوهام الطغاة والحالمين بأمجاد وهمية على حساب سيادة الآخرين ووجودهم. نحتاج إلى صور أبطالنا في كل مكان، لأنهم السيوف التي تكسرت على أنصالها أنياب الوحوش ومخالب الضواري، ولأنهم النجوم النابغات عاليات الشأن، ولأنهم أيقظوا إحساساً عربياً غيبته السنوات العجاف، ولأنهم عشاق الحرية، أحباب الله، رواد جنات الخلد، لأنهم نسخوا ثقافة ابن الإمارات، على دفتر صفحاته بيضاء، فأضحى باللون الأحمر، يرفرف إلى جانب علم بلادنا. نحتاج إلى صور هؤلاء لأنهم نوارسنا التي قطعت دابر زعانف الأسماك المتوحشة، وصارت على ظهر الموجة البيضاء قوارب نجاة لكل مستغيث، وكل مظلوم. نحتاج إلى هؤلاء لأنهم أحلامنا التي مشت على الأرض ريانة بالفخر والاعتزاز، ولأنهم آمالنا وأمنياتنا التي جمحت خيولاً للحق، ضامجة، قادحة، يهتز لها وجدان المرتجفين، وترتعد لها فرائصهم. نحتاج إلى هؤلاء لأنهم دماؤنا التي لوَّنت الحياة بالفرح.