لم تعد الجماهير كما كانت.. لم تعد المدرجات بلون براءتها المعتاد.. تبدل قاموس الكلمات، وعرفت العنصرية طريقها إلى الهتافات، وسط حالة لا تخطئها العين ولا الأذن، من العشوائية والانفلات، وابتعاد قلة جماهيرية عن المثل التي تربينا عليها، ورافقتنا طوال الرحلة مع كرة القدم. ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن الجماهير وعن المدرجات، لكن بعض مباريات دوري الخليج العربي، كانت أشبه بجرس إنذار للمهتمين باللعبة والقائمين عليها، بعد أن شهدت تحولاً في شكل الهتافات، وكأننا استوردناها من خارج الديار، أو أن خطة ممنهجة، يتم تنفيذها في المدرجات، لأن الفطرة الإماراتية وطبيعة جماهيرنا لا تتسق مع تلك الهتافات البعيدة عنا تماماً، والتي تتعامل مع الأندية، وكأنها دول بينها حروب. سبق أن كتبت هنا عن فوضى التواصل الاجتماعي، وما تشهده المواقع من سباب يمكن أن يضع صاحبه خلف أسوار السجون، ورأينا بالفعل لاعبين يدفعون ثمن الحرية غير المسؤولة التي قادتهم لدفع ثمن غالٍ لكلمات ما كان لها أن تصدر منهم.. لكن الواضح ورغم كل شيء أن قلة من الجماهير لا تعي طبائع الأمور بعد. أنا لا أزايد على أحد، ولكن في المقابل لا أحد أغلى من الوطن، وقد أفهم وأغض طرفي عن هتاف يتهم فريقاً بعدم القدرة على اللعب، أو لاعباً بالجنون أو .. أو .. لكن أن أسمع هتافات خبيثة لا هدف منها إلا إشاعة الفرقة بيننا.. وقتها يجب أن يكون هناك رادع قوي لمنع هذه الفئة الخبيثة أن تكون بيننا. في إنجلترا ورغم أن الدوري الإنجليزي كان نموذجاً جماهيرياً سيء السمعة لسنوات طويلة تمكنوا أخيراً من ضبط الإيقاع بقوانين ولوائح صارمة وحماية للمدربين واللاعبين وانتشار ممنهج في المدرجات، ورأينا مشجعاً يقف على بعد سنتيمترات من مورينيو، وباتت الصورة مختلفة عما كانت عليه، وذلك على الرغم من أن العنصرية في المدرجات هناك لم تطل منها شعارات خبيثة كالهتافين اللذين أصابا كل الإمارات بالصدمة. ليس علينا أن ننتظر حتى يصبح الخروج عن النص أمراً واقعاً، وعلى اتحاد الكرة ولجنة دوري المحترفين والأندية أن يتحركوا.. الكرة للكرة والوطن أغلى من كل الدنيا. كلمة أخيرة افتراض حسن النية لا محل له من الإعراب في الهتافات الخبيثة.. لو أحسنوا النية لأحسنوا العمل