الحجاج، بل المسلمون في كل مكان أدركوا ويدركون الدور الكبير الذي تقوم به كل القطاعات في السعودية من أجل الحجاج، وبالتالي يستوعبون حيثيات حادث مشعر منى، كما أنهم يعرفون من هو الذي قلبه وعقله على ومع الإسلام، ويهمه أمر المسلمين، ومن الذين لا همَّ لهم إلا أنفسهم وأحلامهم وأطماعهم. السعودية تعرف دورها وتتحمل مسؤولياتها، ولا تحتاج إلى من يظهر عضلاته ليعرفها مسؤولياتها تجاه الحجاج، ومن لم يهنئ ويشكر المملكة على نجاحها على مدى سنوات طويلة بنجاح تنظيمها لمواسم الحج لا يحق له أن ينتقدها اليوم، أما آخر من يحق له انتقاد جهود المملكة العربية السعودية في تنظيم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام، فهو مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، الذي صمت عن موت عشرات الآلاف من السوريين على أيدي حلفائه وأتباعه، وصمت على تشريد الآلاف وغرق المئات من اللاجئين السوريين، ولم يحرك ساكناً فكيف يأتي لانتقاد جهود المملكة والتقليل من شأنها؟! فتصريح خامنئي بأن «على السعودية تحمل المسؤولية الكبيرة عن هذه الكارثة»، وموت الحجاج في مشعر منى، لم يكن موفقاً، وهو يعلم أن الحادث وقع حين التقت مجموعتان كبيرتان من الحجيج قادمتان من اتجاهين متضادين.. تصريح خامنئي- ومع احترامنا له ولمؤيديه - أعطى انطباعاً وكأنه كان يترقب مثل هذا الحادث أو يتمناه، وهذا ليس من أخلاق المسلمين، فقد علّمنا الإسلام ألا نشمت ولا نظن ظن السوء، وإنما نقف مع بَعضنَا بعضاً في المحن حتى تزول، وإن كانت لدى خامنئي نصيحة فأعتقد أن شخصاً مثله لا ينتظر أحداً لكي يحدثه عن آداب النصيحة بين الأشخاص - التي بلا شك أنه يعرفها جيداً - فكيف إذا كانت بين القادة، بل واثنين من قادة دولتين كبيرتين، وفي حادث مؤلم وجلل لا يتطلب إلا التعاضد وليس الاستغلال! بلا شك في أن وفاة أكثر من سبعمائة حاج أمر مؤلم ومحزن، هزنا جميعاً، وجعلنا نتساءل من الذي تسبب في هذا الحادث المؤلم، وهل كان يمكن تداركه؟ ويجعلنا نطالب كما طالب وأمر خادم الحرمين الشريفين بأن تكون الإجراءات أفضل في المواسم المقبلة، حفاظاً على أرواح الحجاج.. حتى وإن تطلب الأمر إجراءات أكثر تشدداً على الجميع. لكن في مقابل ذلك، فإن صراخ الجيران في الضفة الأخرى من الخليج العربي لم يكن سوى للاستهلاك، وربما لتصفية الحسابات، أما الحزن على أرواح حجاج بيت الله الحرام، فقد رأيناه في عيون وتغريدات وأبناء الشعب السعودي بأكمله، وأدركنا أنهم أكثر من حزن على موت أولئك الحجاج، فلا يزايد أحد على أهل المملكة في الحزن والألم، ولا في الجهد والاستعداد. يجب أن تعرف إيران وتركيا وغيرهما، أن شأن الحج أوكل للعرب، وهم خير من يديرون أموره، وهم خير من يهتمون بحجاج بيت الله الحرام وضيوف الرحمن الذين هم ضيوف أهل جزيرة العرب بأكملها، ولا يمكن أن يكون أحد في العالم قادراً على الاعتناء بهم أكثر من أهل الجزيرة والعرب. وكل من يريد أن يتكلم عن الحج يجب أن يعرف حدوده ومجال حركته وتحركه، وأن يبعد السياسة والمصالح الشخصية عن الدين، فهذا الموضوع ليس مثاراً للعبث والتلاعب، واليد التي تتطاول وتحاول أن تعبث ستنال ما لا يرضيها. الهجوم على المملكة مقزز ويثير الاشمئزاز، لما فيه من رائحة استغلال سياسي وربما شخصي لحادث عرضي، ويكشف ما في نفوس البعض ضد هذا البلد، حيث أصبحت بعض الدول والحكومات والجماعات المؤدلجة تتحين الفرص للهجوم والتهجم والانتقاص من أي شيء يقدمه، وكم كان ذلك واضحاً في حادث سقوط الرافعة قبل أسبوعين، واليوم أصبحت الأمور أوضح! يجب على من لديه شك، ومن دخل إلى قلبه الشك، أن يدرك أن خير من يهتم ببيت الله وحجيجه هم العرب، منذ شرع الله الحج على المسلمين، وأمور تنظيمه وخدمة حجيجه، بيد العرب، وسيبقى الأمر كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولو كره الكارهون. *آخر من يحق له انتقاد جهود المملكة العربية السعودية في تنظيم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام هو مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي *صراخ الجيران في الضفة الأخرى من الخليج العربي لم يكن سوى للاستهلاك وربما لتصفية الحسابات