في عدن تسير قوافل الخير لتمطر حزنها غيثاً يروي عشب الناس، وينبت زرعاً وضرعاً، لتخضر أرض بلقيس بعد يباب وعذاب، واضطراب واحتراب، أشعلت فتائله أيدي الحقد والكراهية. في عدن نعيم الإمارات مقيم، وعهده مهد يُمسِّد خصلات الزمن، بأنامل الذين نسجوا من رمال الصحراء حريراً، وأسقوا من بحر الخليج العربي، ماء فراتاً، وصاروا هم ضيوف الرحمن في كل مكان، يغردون أشرعة السلام والأمان، ويرفعون النشيد الإنساني من أجل حياة هانئة وعيش رغيد، ووئام مديد وبوح سديد. في عدن الأرض التي عانت ويلات الحروب وآلام الغدر والخيانة، بدأت الآن تتنفس الصعدا وتفتح نوافذ الأمل، على أيدي أبناء زايد الخير طيب الله ثراه، هؤلاء هم رجال عاهدوا الله على الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، إيماناً منهم أن اليمن يمين الجزيرة، وساعدها، وعمودها الفقري، إن شفها الكنظ، واعتراها الشظف، مادت الأرض في جزيرتها، ومادت جبالها، لذلك فإن هبة الإمارات لليمن والتي بدأت بعدن ولم تنته، لأن الطريق طويل فهذا البلد بحاجة إلى إعادة صياغة وجدانه، وتشكيل مشاعره بما يتلاءم وكونهم بشراً يستحقون ما استحقه غيرهم. وفي عدن، بدأت هيئة الهلال الأحمر برجالها الأوفياء في إنشاء وصيانة وترميم المدارس، والمنشآت الصحية، والبنية التحتية والخدمات ذات الشأن الاجتماعي والاقتصادي، وهناك تم افتتاح 34 مدرسة من 54 مدرسة في المرحلة الأولى من المشروع، على أن يتم افتتاح باقي المدارس والبالغة 154 مدرسة.. وفي عدن، رجالنا هناك يعملون ليل نهار من أجل تأهيل المحافظة، وإعادة مرافقها إلى الحياة، بعد أن استطاعت قواتنا الباسلة انتزاعها من أنياب الوحوش، الذين عاثوا في المحافظة وتوابعها فساداً وظلماً، ما جعلها قبل التحرير منطقة أشباح، والساكنون فيها، وقفوا على الأرصفة نادوا هل من مغيث، وصرخوا فعلاً «وامعتصماه» وبالفعل لبى الرجال الأفذاذ نداء الأشقاء، واستجابوا بصدق واخلاص، والآن نجد أثر الأيادي الطيبة، وشماً جميلاً، يزين عدن، ويرفع رؤوس أبنائها عالياً، متحدين بذلك الغاشم المستبد، والحاقد المستعبِد، والكاره المرتعد. في عدن، الإمارات هناك آية من آيات الحب والانتماء إلى الإنسان والوفاء له، والتضحية من أجله، ودماء شهدائنا خير ما تكلم به القلم، وأفضل ما نطق به اللسان، وأحسن ما قرأناه من بيان.