اقرأ تغريدات صديقاتي وأصدقائي على تويتر وعلى صفحات حساباتهم في الفيس بوك، اطالع منذ عدة أيام مقالات الكتاب العرب وبعض المقالات في صحفنا، أقرأ بحثا عن هواء آخر، عن نافذة ولو صغيرة يهب منها نسيم هواء منعش، عن كتابة مغايرة تتمرد على المألوف في مثل هذه المناسبات، فلا أجد إلا كتابات أقرب إلى البكائيات الشبيه بمعلقات البكاء على الأطلال، والسبب أن الواقع سيئ، والأوضاع بائسة، والعرب متناحرون، والوطن العربي ممزق والـ.... الخ، وإذن فهل يعيد البكاء على الأطلال الأوضاع إلى ما كانت عليه؟ وهل تشكل هذه الكتابة مخرجاً بالفعل؟ نعم الكتابة تعبير عن الواقع لكنها ليست غرقاً فيه، وليست تكريساً لمراراته! الكتابة نافذة أمل، وزاوية مختلفة للنظر إلى المشهد نفسه، لن يغير اختلاف الزاوية حقيقة المشهد، لكنه بالتأكيد سيؤثر في العين التي تنظر له، هناك فرق بين أن تحدث نفسك بأنك مقيد وستموت في قيدك، وبين أن تحلم أو تأمل بأن قدراً آخر قد رسم لك، وأنك بهذا القدر ستتخلص من قيدك وتنطلق إلى حياة جديدة، السر هو أن تجتذب إليك قوة الكون لتجعلها تتضافر معك لتحقيق ما تتمناه، شريطة أن تؤمن بأحلامك وأمنياتك. الكتابة التي لا تحفر جرحاً آخر في الجسد المملوء بالجروح هي نوع من التحرر من الجرح، ومحاولة أولية وضرورية للعلاج والشفاء، النظر إلى الجرح لا يشفيه بقدر ما يضاعف الألم ويلوث الجرح، لهذا فإن الكتابة الهاربة من لحظة القتل والانفجار، المنتصرة على الفساد والتوحش، الذاهبة بعكس اتجاه الرصاصة التي تخترق اللحم والعظم، هي الكتابة التي نحتاجها جميعاً، كل الوطن العربي بحاجة إلى كتابة تتخلص من النواح والبكاء وتكرار المآسي والندب، الكتابة التي تلوك الألم لا تنتج نصراً، والتي تمضغ تراث الثأر من القتلة والفاسدين لا تبني المستقبل، إنها تكرر الصراعات بأسماء أخرى، وتربط الجميع بسلاسل الماضي! نعرف تماماً أن العيد يأتينا والأمة تعاني ما تعانيه، الحروب والصراعات واستغلال الدين والكراهية وخطابات الحقد المتناثرة في كل الجغرافيا والتمزق والتفكك والهزيمة والصورة المهترأة أمام العالم، لكن متى كانت الأمة بعيدة عن هذا الواقع؟ متى كانت الأمة نظيفة من هذه الجراثيم والأوبئة، لقد عشنا مع كل هذا وأكثر لكننا كنا في كل مرة نبعث من جديد كالعنقاء أو طائر الفينيق، نحن أمة لا تموت، ولن تموت أبداً، لكن ذلك مرتهن بالإرادة لا بالأمنيات والأساطير، ففي كل مرة نقع يظهر من يحلق عالياً كسارية ليجعلنا نرفع رؤوسنا للأعلى وننطلق، لا نراهن على البطل الواحد ولكننا نراهن على قوة الكلمة وعلى العقول المتحررة من سايكلوجية الجماهير المندفعة بلا تفكير وبلا وعي كقطار مندفع للأمام بلا كوابح.. الكلمة الواعية هي المنقذ من أي ارتطام أو مصير مجهول!