نور الصباح أنت، فتنة الليل ووردة الحدائق والبساتين، عطرك فواح، شجي وأخاذ؛ تُطرب الأذن لسماع خرير مائك وموج بحارك، لصوت ريحك ومطرك؛ يبتهج الجلد بملامسة هوائك له، وتنتشي النفس بشم نسيمك القادم من جهاتك. فاتنة في العيون، تحرضين القلب أن يدق قربك، يشتاق الجسد أن تحمليه في الحياة وتجولي به العمر كله، وأن تدثريه برملك حين تحين ساعة الفراق. لك المجد في كل الأزمان؛ لك المسيرة الطويلة نحو العُلى، لتتجلى الأيام فيك حباً وفرحاً؛ فناً يشع في أرجائك وتنمو البراعم بنفس صافٍ في هواء نقي؛ يمد الأشبال فيك مجرى الزهو في قصة الزمن الأزلية، يرفعون رايتك البيضاء عالياً وتشرق وجوههم في صفحة النور ويقولون بكل فخر وعزة نحن منك، نحن لك في كل فصولك؛ في حزنك نحن معك، قربك، قرب روحك، قرب أنفاسك، نزيل العبرة عن وجهك ونمسح الدمع ونغرس فيك أفراحنا كلها كي ترتقي. في فرحك نحن قربك نعزف اللحن الجميل كي تتمادي في الفرح، نكتب الشعر ونغني، نرقص بكل بهاء الجسد، نحمل الورد إليك ونحرض الهواء أن يرسل عبيره في فضائك ليشم عطرك الكون، ننسج خيوط المحبة ونحيك عشقنا لك. فاتنة أنت منذ الأزمان البعيدة؛ في القلوب وضعك البحارة وسافروا عبر البحار، في العيون وضعك الغواصون وغطسوا إلى الأعماق ينقبون عن دانتك؛ أنشدت النساء لبحرك بحروف السلام، وجر الصبية قصة الغيوم كي تمطر السماء على شعور الصبايا؛ تَرنم النهام على سطح السفينة ومدت أشرعة السفر سفرك في الثواني والدقائق والساعات والأيام والسنين، في الليل والنهار تكتب سيرتك الناصعة في كل مكان. لن يكسرك الحزن ولا الوجع، لن ينال منك التعب، ولن تكوني إلا في القلوب وثنايا الروح، عزيزة، أبية، عالية الرأس والهامَّة، مشرقة إلى الأبد، تعبُرين على أحزانك مباركة، وتضعين دروسك، دروس الزمان في منطق الحسبان، وتجرين مجداف الأمل نحو الحب والتسامح والسلام، يقبل إليك الناس كي ينعموا بقربك؛ تغرد العصافير لك وتتفتح فيك الورود، نجمتك براقة، وقمرك جميل، بحرك ساحر وهواؤك عليل، جبالك عصية ورجالك قوة وعزيمة لا تلين، نساؤك مجد الحياة وقلب الأمل.