جمال تلك الروح التي فاضت لبارئها لا يعرفه إلا من عاش قريباً منها ونهل من صفائها وحسن تدبيرها ونحن لا نعترض على أمر المولى فهو من أعطى وهو من أخذ. لقد ترك غياب الشيخ راشد بن محمد (طيب الله ثراه) فجوة يملؤها الوجد وتسكن فيها الذكريات، فقد ترك صور ذهنية لازمتنا طوال التسعينيات ووالده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يخطط لبناء دبي ليضعها على خريطة العالم، فهو من جيلٍ رافق والده منذ نعومة أظافره، فكان راشد وإخوته شهوداً على ذلك البنيان منذ هندسته الأولى والتخطيط له، انتهاءً بإنجازه وافتتاحه. كانوا في مقتبل العمر ولكنهم كانوا عمالقة المستقبل وقد تجسد في رفقتهم لوالدهم مبادئ لا تحيد عنها الأسرة الإماراتية، وترك ذلك انطباعاً وتطبيقاً للقيم الإنسانية والقيادة الفذة، فأصبح بذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ـ حفظه الله ـ نبراساً اهتدى به الآباء في بناء مجتمعاتهم الأسرية وتطلعات وطنهم التي تعتمد على هذا البنيان. نودع ابن الإمارات وندعو الله له بالمغفرة والثواب فقد كان ـ رحمه الله ـ ابناً باراً بأهله الذين نحن جميعاً منهم فقد رفع علمنا عالياً وافتخر بوطنه أمام الأمم، وبذل الغالي والنفيس ليبقى علم الإمارات مرفرفاً خفاقاً في المحافل التي يشارك فيها. شباب جيلك يا راشد عمق حبنا لقيادتنا حتى أصبح شيئاً لا يفهمه العالم ويعرفه حق المعرفة من عرفهم وتمعن في سلوكياتهم التي لا ينتهجها إلا من تربى على أسمى مبادئ الكرامة، لذا فقد أقسمنا على طاعتهم وخدمة الوطن، وكما رأينا قيادتنا الرشيدة وعلى رأسهم سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وإخوانهما يجولون بيوت العزاء بشهداء الوطن، يقبلون جبين المصابين وأهالي الشهداء وأبنائهم ونحن نتساءل: ترى كيف لهذه القيادة أن ترعى مصالح الشعب في الليل والنهار... فهم في سعي دؤوب منقطع النظير؟ للعارفين أقول، وداعاً بوسنيدة خدمت وطنك وكان حضورك كبيراً في قلوبنا وإن ترك غيابك فراغاً أكبر تملأه الذكريات والصور. ندعو الله لك ولوالديك ونرفع أيادينا للسماء تضرعاً «اللهم خفف على كل أمٍ فقدت ولدها وهوّن عليها حرقة تلك الأنفاس التي لا تأتي ولا تتردد، وازرع في إيمانها يقيناً وطمأنينة، اللهم لا تكسر قلوبنا وخواطرنا وبشرنا ببلوغ راشد وشهداء الإمارات جنتك.»