تجيء اللفتة الإنسانية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بمعالجة ديون مواطني الإمارة وتسويتها خلال عام، مثالا ناصعا لما يحظى به أبناء الوطن من لدن قيادة تتلمس احتياجاتهم، وتتفقد أحوالهم، وتتابع شؤونهم. وهي تصب في مسار قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، راعي المبادرة السامية في هذا الشأن، وما تبعها من إجراءات، وفي مقدمتها صندوق معالجة قروض المواطنين، والخطوات التنفيذية لتحديد شرائح فئات المستفيدين منه، وإبرام الاتفاقات الإجرائية مع المصارف المعنية. لقد كانت لهذه اللفتة الإنسانية أصداؤها الطيبة المباركة، ليس فقط بين المستفيدين المنتظرين منها، وإنما وسط سائر أبناء الإمارات، فقد جاءت لتؤكد حقيقة راسخة في العلاقة الوثيقة العُرى بين الحاكم والمحكوم على أرض إمارات المحبة والعطاء، وهي علاقة لخصها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بقوله، رعاه الله «نحن سلطة لخدمة الناس لا سلطة عليهم». وفي حديثه لإذاعة الشارقة، أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ذات المنهاج السامي للقيادة الرشيدة ، قائلا «نحن لسنا بغافلين عن أحوال الناس ومعاناتهم، ونشاركهم في الوصول إلى حلول لمشاكلهم»، مشددا على وصول القيادة حتى إلى أصحاب الحاجات من تلك الفئة «الذين تحسبهم» أغنياء من التعفف». ويواصل قادتنا وشيوخنا-حفظهم الله- في كل مناسبة، وبروح الأب المسؤول والحريص على عائلته، تذكير أبنائهم وإخوانهم بمغبة التورط في الديون والقروض. ولازلنا نتذكر التوصيف الدقيق الذي اطلقه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في كلمته أمام القمة الحكومية الأولى بدبي العام الماضي، عندما حذر الشباب من القروض لأنه بكل بساطة «القرض ورطة». أن هذه المبادرات السامية التي تهدف لتعزيز المواطنة الصالحة، وبناء الإنسان المنتج، وتعزيز النسيج الاجتماعي، والاستقرار الأسري، تتطلب تفاعل الجميع معها، ولاسيما المصارف التجارية المحلية، والتي تعد أهم عامل وطرف في المشكلة. فهذه المصارف فهمت الرسالة بطريقتها الخاصة، فتمادت بسخاء في أغراق من يطرق أبوابها بديون استهلاكية ضخمة. والكثير من المسؤولين عن الإقراض فيها يعلمون بالقدرة المحدودة للمقترض على السداد. وأضافت على تلك القروض، ما تعتبره تسهيلات ائتمانية من سحب على المكشوف، وبطاقات ائتمانية «أساسية وإضافية»، واستمرت صور ومظاهر الإقراض والإغراق، لدرجة أصبح معها المقترض «رهينة» لدى بنك يتعامل معه، والذي جعل من بند «إعادة الجدولة» منجم ذهب لزيادة أرباحه وعائداته. دون أي اعتبار لجهود الدولة في هذا الشأن، ودون تفاعل وإحساس وشعور بالمسؤولية المجتمعية، وهي لا تقتصر فقط على تقديم دعم لبعض الحملات الإنسانية والخيرية في المواسم. أو رعاية هذا النشاط المجتمعي الذي يبرز هنا أو هناك. وطبعا كل ذلك لا يعفي «متهوري القروض» من المسؤولية، ولكن عسى أن يكون درسا للجميع، وفسحة للأمل والمراجعة. والله نسأل أن يديم علينا نعم الأمن والأمان والاستقرار، ويحفظ شيوخنا رجال المبادرات واللفتات الإنسانية. ali.alamodi@admedia.ae