تأتي الأحزان متقاربة متلاحقة متسارعة وكأنها تكمل بعضها بعضاً!.. وكأنها تختبر صبرنا وتحملنا.. وكأنها تمتحن تماسكنا وتلاحمنا.. وكأنها تستكشف وتكشف معدن شعبنا وقيادتنا، فتكتشف أننا صامدون في وجهها، لم تكد تنتهي الأحزان بفقدان شهدائنا الأبرار الذين نالت منهم يد الغدر في اليمن، حتى جاءنا خبر رحيل الغالي ابن الغالي بنوبة قلبية مفاجئة وهو في ريعان شبابه، لقد كان يوم أمس حزيناً متشحاً السواد، صامتاً واجماً بلا حراك.. وكان حزن شعب الإمارات جليلاً وجلياً، - وكيف لا يكون كذلك؟! لقد كان طبيعياً لحزن رجل يحبه الجميع ويحترمه الجميع، وأمنية كل إماراتي أن يراه سعيداً باقياً في سعادته، لأنه يستحق السعادة والفرح، فهو الذي لا يضيع لحظة من وقته ومن حياته إلا ويسخرها من أجل رفعة هذا الوطن، ومن أجل سعادة كل مواطن فيه، فكيف نقبل أن يكون حزيناً، وهيهات أن يقتحم الحزن حياته؟ فمهما أوتي الحزن من قوة فإنه لن يصيب هدفه أبداً، ولن ينال من قائد عظيم يتعالى ويتسامى فوق كل الأحزان، فواهب السعادة لشعبه لن يكون للحزن إلى قلبه سبيل. سيدي يا ذا القلب الكبير، لقد عهدناك كبيراً في إنجازاتك .. كبيراً في عطائك، كبيراً في حبك لأبناء شعبك، وكلنا يقين بأنك كبير أيضاً في حزنك الذي هو حزننا جميعاً، وكبير في إيمانك بقضاء الله وقدره .. لقد غرست يا سيدي في قلوبنا جميعاً حباً بلا حدود، وانطلقت بوطنك وشعبك نحو النجوم، فعانقنا عنان السماء، وكما غرست حباً وعطاءً جنيت، وما زلت، وستبقى إلى الأبد تجني وتحصد حباً جارفاً من شعبك الذي يلتف اليوم خلفك ومعك ومن حولك. مصابك سيدي هو مصابنا جميعاً، ومصابك جلل، ولكن سموك أجّل وأكبر منه، لأنك تمتلك قلباً عامراً بالإيمان بالله عز وجل، ونفساً أبيّة تتسامى على الأحزان، فأنت من صنع السعادة في قلوب شعبه، وغرس فيه حب تحدي الصعاب وتجاوزها، وعلمه الإصرار على التفوق. شعب الإمارات سيدي يعطيك الحب والولاء لأنك أسعدته، ورفعت راية مجده في كل الأوقات، شعب الإمارات يعطيك كل قلوب أبنائه وفاء وحباً.. فقد رأيناك بالأمس القريب كيف تجوب البلاد من أقصاها إلى أقصاها لتبث في شعبك من روحك فخراً وإباءً حين تواصلت زياراتك وأخيك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وولي عهدك سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، وكل شيوخنا لمجالس عزاء شهدائنا الأبرار، فنشرتم الحب والوفاء، وجعلتم مجالس العزاء مجالس عز ونصر وفخر.. واليوم حين ودّعنا أحد فلذات أكبادنا الراحل الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، نعود وتعود سموك لنقف معاً صفاً واحداً، نعبر لك عن حبنا، ونعيش معك لحظة الحزن كما أنك تعيش معنا دائماً لحظات الحزن والفرح، لحظات الألم والفخر والاعتزاز. سيدي عظّم الله أجرك وأجرنا جميعاً في مصابنا الجلل، يا سيدي شعبك يحبك ويفديك. *سيدي يا ذا القلب الكبير، لقد عهدناك كبيراً في إنجازاتك .. كبيراً في عطائك، كبيراً في حبك لأبناء شعبك، وكلنا يقين بأنك كبير أيضاً في حزنك الذي هو حزننا *شعب الإمارات سيدي يعطيك الحب والولاء لأنك أسعدته ورفعت راية مجده في كل الأوقات