اعتادت إيران منذ وصول الملالي إلى سدة الحكم، أن تبعث برسائل ملغمة إلى العالم العربي، فحواها، أنها تقف على الضفة الشرقية من الخليج العربي، وهي تصرخ بصوت وئيد، «يا حسين»، لتحرض مشاعر البسطاء وتوقد تنانير الحرق، والغرق، وقد قسمت العالم الإسلامي إلى قسطاطين، السني والشيعي، مستفيدة من أوضاع المنطقة ومن الشروخ التي أصابت المجتمعات العربية إثر النزاعات والصراعات والانشقاقات والاضطرابات، ولكي تمرر إيران مشروعي العرقي والعصبي ألبست هذا المشروع لباساً دينياً لدغدغة المشاعر واللعب على نيران الهزائم النفسية. وبهذه الباطنية الفظيعة تسربت خلايا الحرس الثوري في أكثر من دولة عربية، وتغلغلت وتوغلت وأشعلت النيران والأحزان، وزرعت حقولاً من ألغام الحقد والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، وللأسف الشديد، فإن الإعلام العربي ذهب وراء هذا الادعاء جرياً ولهاثاً وساعد إيران من حيث لا يدري على تنفيذ الأجندة العدوانية، في حين أن من ينظر إلى الوطن الواحد لا يجد شيئاً من هذا الذي سارت إليه إيران وأرادت أن تكرسه واقعاً، فالوطن العربي من مشرقه حتى مغربه سجادة حريرية ملونة بألوان الطوائف والأديان الزاهية، وهناك تداخل وتزاوج بين أفراد المجتمع الواحد، إذاً لماذا فعلت إيران كل ذلك؟. المتتبع للتاريخ يصل إلى يقين من أن إيران لا تريد الدين بقدر ما تعض بالنواجذ على العرق الفارسي، متكئة على أوهام تاريخية وامبراطورية فارسية، بادت وانتهت وصعدت على ظهرها حضارات وأمم، وما الدين «الشيعي» الذي تنعيه إيران بالصدور والثغور إلا رداء شائهاً يخفي تحته نوايا سيئة الهدف منها تدمير كل ما هو عربي والقضاء عليه، وعلى التاريخ والجغرافيا. وقيادتنا الرشيدة بوعيها وحنكة سياستها وحكمة إدارتها للمكون السياسي استطاعت أن تجهض هذا التوجه الإيراني بهبتها النبيلة تجاه المملكة العربية السعودية، وتحرير اليمن من براثن هذا «التسونامي» الإيراني، ولا شك أن هذه الهبة الإماراتية سوف تغير كثيراً من معالم الخارطة السياسية والثقافية في العالم العربي، وتستنهض المشاعر القومية والإسلامية لمواجهة هذا الاحتقان الإيراني والكذبة البصرية التي أرادت لها أن تكون.. ولكن لن تكون ما دام الشرفاء يقفون لها بالمرصاد.. و«حبل الكذب قصير».