كل الفوز يفرح، لكن ليست كل الانتصارات واحدة.. هناك فوز يجعلك تقفز وتضحك بملء الصدر.. فوز يصنع لك أجنحة، وإن لم يتجاوز بك محنة الوطن.. هو ذلك الفوز الذي حققه الأهلي على نفط طهران الإيراني، وصعد بـ «الفرسان» إلى الدور نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخه، بعد أن دانت الأفضلية للفريق الإماراتي في مباراتين، فاز فيهما ذهاباً وإياباً، وأعاد جماهير نفط التي جاءت إلى استاد راشد بدبي، غير مأسوف عليها، بعد أن سبت لاعبي الأهلي بأقذع الشتائم، ورسمت لنفسها الصورة المعتادة، مهما حاولوا أن يجملوها.. هم كما يلعبون وكما يشجعون.. يبدو وكأنهم في مشادة، ولا تدري لماذا، ولذا أفرح بالفوز عليهم بالذات، لا سيما وأن الكرة الإيرانية تعد منطاد اختبار جيداً جداً للكرة لدينا وما وصلت إليه من مستوى، قياساً بالإنجازات التي حققتها الكرة الإيرانية في السنوات الماضية. الأهلي «الفارس»، فاز أولاً هناك، ثم عاد وفاز هنا، واجتاز بلاعبيه وإدارته وجماهيره، ومعها كل جماهير الإمارات مرحلة صعبة وعصيبة، ظننا خلالها أننا ربما لا نستسيغ فيها أن نأكل أو أن نشرب، لا أن نلعب، منذ أن رحل شهداء الوطن الأبرار في عملية إعادة الأمل، لكن الأهلي الذي رفع شعار «نفديك بالأرواح يا وطن»، انتصر لنفسه ولإرادة الحياة، فالإمارات الشامخة الفتية أكبر من أن تتوقف ولو متنا جميعاً.. الإمارات التي علمت العالم الوحدة، وأتاحت له على أرضها ما لا يجده على أرضه، لن يمنعها حزنها من أن تواصل وأن تنتصر وأن تفتح نوافذها على الغد، وأن تستمد الضوء من وسط الغيوم. الأهلي صعد لمواجهة الهلال السعودي، وهنا أيضاً نقولها ونصدقها: إن اللقاء بين شقيقين، ويكاد يكون بين فريقين من وطن واحد، فرحه واحد وألمه واحد، وليس أدل على ذلك مما شهدته مباراة الأهلي ونفط طهران، والتي توحدت فيها الجماهير الإماراتية مع السعودية في مشهد آسر وعبقري، تغطت خلاله مدرجات الدرجة الثانية بعلمي البلدين، ومع العلمين بدت القلوب والوجوه واحدة، وبالتالي أتوقع أن تكون المواجهة بين الشقيقين في نصف النهائي نموذجاً في التآخي، وإن لم تخل من كرة عالية ورغبة مشتركة في العبور إلى النهائي الحلم. كل التهنئة للنادي الأهلي ممثل الوطن هذا الانتصار الرائع، وهي تهنئة نزفها إلى كل إماراتي وإلى عبدالله النابودة رئيس شركة كرة القدم، والذي هيأ الأجواء في فترة الإعداد للمباراة بحس وطني جياش، فاستحق هذا الانتصار الكبير. ?كلمة أخيرة: في أوقات بعينها.. لا يبدو اللعب كما اعتدناه.. يصبح مهمة من أجل أن يبتسم الوطن‏?