* حدثني صديق قال: «يا أخي ودّي يوم أمشي فيه من الصبح حتى المساء، ولا أدفع فيه فلساً واحداً، أتمنى أن يمضي يوم عليّ، ولا يعرف جيبي ملمس يدي أو لا تحكني يدي وترعاني حتى تمتد في غفلة مني إلى الـ «بوك» وتستلّ منه ما أزرق من النقود، وأحمّر، لِمَ لا نستطيع أن نمشي أو نمضي نهارنا، وبقية ليلنا دون أن نصرف نقوداً؟ كل شيء في الحياة اليوم أصبح له ثمن، بدءاً من الجهر بالسلام، وحتى التلويحة بالوداع».. فقلت له: ما عليك إلا أن تعيش في قرية سويسرية مثل أي عجوز لا تبتغي من هذه الدنيا شروى نقير، حيث كل شيء مزروع في حديقتها، وخبزها معروف، وحليبها وأجبانها من أبقارها، وتكره منظر السيارات، ومتعتها الحقيقية شمس الصباح، والمشي بتؤدة، وتأمل الزهور المجالسة للجدران والشرفات، وثرثرات مع الجيران مجانية! * حدثني صديق قال: «هناك أناس يتسابقون مع الكذب منذ الصباح الباكر، ويبغضون أن يسبقهم أو يسبقهم إليه أحد، أحياناً أتساءل: أي ذاكرة هذه التي يحملون؟! وأي كبد تتحمل ثقل هذه الكلمات المصطنعة؟! وأي عقل قادر أن يصيغ كل هذه القصص المتجددة؟! ترى لو سخروا هذه النفس نحو الصدق والخير هل سيسعدون؟ وهل سينجحون مثلما هم الآن»؟ قلت له: قل لي: هل طعم الصدق حلو، وطعم الكذب مالح؟ هل الصدق أبيض، والكذب أسود؟ أم هي نفوسنا التي تنعكس على الأمور والأشياء، وتسميها أو تسممها؟! * حدثني صديق قال: «هناك أناس يودون قتل تلك الطاقة الجميلة في النفس، يسعون لها وهم يدرون أو لا يدرون، ربما يعتقدون أن وظيفتهم في هذه الحياة التسلط على بقعة الضوء تلك، وإطفاؤها بأي وسيلة، هم قوى أشبه ما تكون بالمغناطيسية يجذبون كل الموجب في نفسك، ولا يكتفون، بل يحولون ما تبقى منه إلى سالب، ولا تعرف لمَ يصنعون ذلك، وماذا يستفيدون، لا تقل لي الغيرة بأنواعها وأشكالها، الصغيرة منها والكبيرة، لا تقل متضادات الحياة النجاح والفشل، لا تقل بغية التسلط تلك القوة التي يمكن أن تصنع من الإنسان صنماً من كلمات! فقلت له: لا أقول، ولا أزيد، فقط لا تدعهم يتمكنون من نفسك بالصغائر، ويفتكون بها بالقبح، تلك المجبولة على الخير، والأمّارة بالحب! * حدثني صديق قال: تعرف مشكلتنا ما هي؟ فقلت له: العنعنة! تلك مصيبتنا، نصدق فلاناً عن فلان، عن فلان، ولا نعرف، ولا نذهب للمصدر فلان!