في الوطن شجرة طيورها تغرد بأغلى الفنن، وفي يوم الامتحان والمحن نرى الأسود فياضة بالتضحيات بأغلى ثمن.. لا يردنا عن سلامة الأوطان وحريتها، غاشم ولا محتقن، لأننا أبناء زايد تجلت معارفنا من سالفات لازمن، وسرنا يفيض بالهوى حباً لليمن، لأننا.. لأننا من رمل صحرائنا روينا العروق بدم النجابة بلا وهن، لأننا من بحر خليج عربي، ملحنا الجروح وضمدنا ما جاشت به المحن، الله.. الله يا زمان الحب، فكيف يكون الحب بلا ثمن، كيف تكون الحرية منزوعة من الشجن.. الله.. الله، يا خير من ساموا الروح رخيصة من أجل سلام النفس وكرامة وطن.. فلا حوثي ولا مجوسي أقوى من إرادة أضحت جسوراً تلون بالبسالة وجه الزمن. في الوطن شجرة أوراقها أجنحة الصقور وماؤها دماء الأبرار عند شفاه الثغور، فلا حد للرؤية المباركة، لا سد لمن أراد الحياة بلا شرور، فاليوم أمر، وغداً دماؤنا تحت أقدام الطغاة جمرات تفور، فإن بغوا أو طغوا أو نعقوا فإن صوتنا في أرض الوغى رعد وبرق، جالب السرور، فهذه الإمارات زرع زايد الخير في الدنى نور على نور أي فدتكم أرواحنا يا حبات قلوبنا وبوحنا المأثور فصوت الحقيقة يعلو ويسمو إذا ما جزّ الصليل أعناق الشرور.. فنحن.. نحن أحباب الحياة وهم أصحاب القبور فإن صالوا وإن جالوا وإن غدروا فإن الخيانة من شيم الغاشم المكدور وهذي الديار، ديار السلام، ديار الوئام لم يثنها قط غادر ولا مجدور، لأنها.. لأنها في السراء والضراء، هي قامة وشامة على جبين الدهور. وأم الشهيد فيحاء في دمها ودمعها وعبيرها آهة تفجرت في الصدور، تبقى هي الأم، مدرسة، وتبقى هي واحة للجذور، فماذا عسى الغياب يفعل غير تكريس للحضور، وماذا عسى الدمع يفعل غير تجذير لأنوار البدور، وماذا عسى الدم يفعل غير تطهير للنواصي والثغور، من نجس ورجس ومن نوايا سيئات يغمرها كائن مقبور. فنقول.. هبي يا رياح، ويا جراح أنت.. أنت العبق وأنت باقة الزهور، ففي الوطن رجال، سواعدهم أجنحة وأقدامهم الجذور، وإن حمي وطيس الحرب فإنهم قامتنا التي لا تخور، وإنهم.. وإنهم شامة الجبين وأوسمة الصدور وأنهم تحلمنا ووعينا وقلائد النحور. في هذا الوطن رجال بأوسمة النجوم ونث الغيوم وساريات تألقت وتعملقت وتناسقت وبسقت وأينعت حلماً يضيء الطريق ويحمل الشقيق والصديق، وأفق الهوى إن مت أشرعته فلا يضيق ولا يحيق، ورجالنا من معدن الجوهر والعقيق.