في سفراتنا إلى الغرب، لا نجسر أن نضرب طفلنا لأنه قلّ الأدب أو زاد عنده «البزا» يظل الواحد منا يربت على كتف ابنه، ويلاطف خد ابنته لحين يصل إلى الفندق، فمظهر ضرب الأطفال أمام الناس، وأمام أطفال الغير، وفي الشارع ممكن أن تسمع بعده «ونانات» الأسعاف والدعم والرعاية الاجتماعية، لأنه تصرف غير مسؤول، ويمكن أن تتدخل جمعيات اجتماعية بمسميات مختلفة، وتأخذ منك الطفل، وتخضعك للرقابة النفسية، ولا يستبعد أن يتم إعادة تأهيلك اجتماعياً وسلوكياً. في سفراتنا إلى أوروبا نخاف من أي فضيحة، ونخاف أن يفسر الآخرون تصرفاتنا، ويترجمونها عكس ما ننوي، فالشخيط في الشغالة أمر تحسب له الخليجية ألف حساب أو مناداتها باحتقار أو التقليل من شأنها أمام الآخرين، ترتعد له فرائص نساء بلدان النفط، خاصة إذا كانت البشكاره فليبينية تعرف حقوقها وتعرف عناوين الـ«هيومان رايتز ووتش» وتتكلم إنجليزي أحسن من ربة البيت والصون والعفاف، نخاف أحياناً من حاجز اللغة، ونخجل أن نتكلم لكي لا نغلط، ونعتقد دائماً أن الناس ستضحك علينا أو سنكون عرضة للسخرية، ولا نسخر من أنفسنا ونحن نتحدث مع الغرباء غير الناطقين بلغتنا، نخاف من القانون الذي لا يعترف إلا بمواطن صالح وآخر غير صالح، الأول يكافأ، والثاني يجازى، ولا يمكن لأحد أن يدنس القوانين كبر أو صغر، غريب أو قريب. ويصل الخوف من أكبر المسائل إلى أصغرها، حتى أن أخوات الشباب العربي الأبيّ واللآئي يتبخترن بماركات حقائب مقلدة، وتلمع علامتها التجارية من بعيد، وهي شغل الصين وتايلاند لا يستطعن أن يحملن مثل هذه الحقائب أو يلبسن النظارات والملابس ذات الماركات العالمية إن لم تكن أصلية، لأنها ستغرم 3500 يورو، غير الفضيحة في الشارع، والتعهد في أقسام الشرطة بعد دفع الغرامة، وربما حكم عليها: «بخَمّ الشارع». بصراحة برع نحن أحسن.. لأننا مجبورون ربما، لأننا غرباء مثلاً، لأن مجتمعاتنا فيها كم من مساحة اللامبالاة والتساهل وعدم الاكتراث، هل يقدر العربي أن يفليّ الجرائد من على رف المكتبة في أوروبا، ويظل يقلب صفحاتها ويقرأ مواضيع بعينها، ويبحث عن الصور شبه العارية في المجلات مثلما يحدث عندنا، يتم الواحد منهم واقفاً حتى تتورم ركبتاه، لماذا ما أن يصل الواحد منا مطار بلده حتى يبدأ ريشه ينفش، ويكبر صدره، ويصعد دمه لرأسه، ويبدأ في التصرف بشكل مختلف؟ وحاله يقول: «هوم.. سويت هوم»!