وطن يجود بكل شيء، وبأغلى ما يملك، والإمارات لا تبخل على أمتها بشيء، وتجود عن طيب خاطر بما تستطيع، عندما نشأت الدولة في بداية السبعينيات، وواجهت مصر الحرب، لم تتردد الإمارات في قطع النفط عمّن يساند أعداء الأمة، على الرغم من أن القرار كان صعباً على دولة ناشئة. واليوم لم تتردد الإمارات في خوض حرب في جنوب جزيرة العرب، وذلك ليس رغبة في الحرب وإنما حباً في الخير والسلام لليمن، وسعياً للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة، فما كان يحدث أو سيحدث في حال عدم الوقوف في وجه الحوثي وعلي عبدالله صالح، وسقوط اليمن بأيديهم، وبالتالي في أيدي طهران، كان يعني الخراب والفوضى في المنطقة. فقرار عاصفة الحزم، كان تاريخياً ومهماً، ولا نشك في ذلك لحظة واحدة، ومهما قال المشككون والجالسون على قارعة الطريق، الذين ينظرون من دون أن يفعلوا شيئاً! وينتقدون من دون أن يقدموا حلولاً لا نعيرهم اهتماماً، ولا نعطيهم وقتنا، فالتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، بعدما شعر بحجم الخطر فاتخذ قراره ولن يتراجع عنه، حتى تعود الحكومة الشرعية لليمن، ويندحر المنقلبون والمتآمرون والخونة. منذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي لا تبخل على أشقائها بما يحتاجون إليه، واليوم عندما نادى المنادي للقتال والتضحية بالأرواح الغالية، لم يتردد رجال الإمارات، ولم تبخل الدولة على اليمن، وعلى المنطقة، فالمهمة التي تقوم بها قواتنا نبيلة وشريفة للدفاع عن الحق وردع المعتدي واستعادة الأمن والاستقرار، ولكن الغدر الذي تعرض له جيشنا الباسل، وأدى إلى استشهاد كوكبة من خيرة أبناء الوطن الأبرار لن يمر من دون رد وثأر، وهذا ما أكده قادتنا، فدماء أبنائنا غالية جداً وأغلى مما يعتقد العدو، وستكلفه غالياً والأيام مقبلة. وقد رأى العدو في الأيام الماضية وحدة صفنا، وشاهد بأم عينيه كيف تعامل مجتمعنا المتحضر مع فقدان أبنائه، فكل إماراتي يردد اليوم كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في قصيدته الرائعة «كلنا جنود الوطن»، المنشورة اليوم والتي يخاطب فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد.. واللي بديته يا محمد كمله وكلنا وياك يا صقر الصقور علم الخاين يا كيف تنزله وكيف الغدر باصحابه يدور في أبيات هذه القصيدة عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عما يجول في قلب وعقل كل إماراتي، بل وكل عربي ومسلم صادق وشريف، فالطريق الذي بدأناه لن نحيد عنه، وكل مواطن على هذه الأرض جندي تحت أمر القيادة، وهذا ما أكده أهالي الشهداء في مجالس العزاء، وهم يستقبلون الشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد بالأمس، وهذا ما قاله كل مواطن لقادتنا في تلك المجالس، مؤكدين للقيادة بأنهم جميعاً معهم ويسيرون خلفهم ولن يتأخروا ولن يترددوا لحظة في تلبية نداء الوطن والواجب. فثقتنا بقيادتنا كبيرة، وحبنا لهذا الوطن بلا حدود، وثباتنا وتمسكنا بمبادئنا لا تغيّره ولا تثنيه الشدائد والملمات، بل على العكس، فقد رأى العالم كيف يكون هذا الشعب متوحداً ومتكاتفاً وصفاً واحداً في وقت الشدائد، لا تثنيه أو تكسره الضربات، مهما كانت قوية، بل تجعله أكثر التفافاً حول قيادته، وأكثر صلابة وعزماً على تحقيق أهدافه والوصول إلى النصر الأكيد.