ونحن نطرق باب العام من جديد.. كأنما نسير نحو الأفق، نصعد، يشغلنا المشروع الثقافي المنظم، الهادف، الذي من شأنه أن يمزج بين الهدف والعطاء لخلق ثقافة حرة لا ثقافة متداعية. هنا، علينا أن نفكر بهدوء قبل الولوج إلى العام، وقبل أن تبتعد بنا الخطى في أيامه الآتيات. ثمة فرصة لرصد الأجندة السابقة، التي ينبغي علينا قراءتها بتأنٍ، لنضع الأصبع على الجراح الحقيقية. هل كان العام المنصرم ناجحاً ثقافياً؟ في تقديري، لم تقدم المؤسسة الثقافية للمثقف سوى القليل، ولم نرَ الروح الثقافية تدبّ في أوساط الحياة الثقافية، ولم نرَ ما يسعف المد الثقافي. بيد أن في الجعبة ما يستحق الانتباه؛ جائزة القلم والإبداع التي كانت آخر خبر للعام المنصرم، والتي أعلنت عنها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، هي مبادرة جميلة لها أبعادها في إثراء الساحة الثقافية، وتأخذ أهميتها من أنها تعتبر بالإضافة إلى الجائزة التقديرية الصادرة عن وزارة الثقافة خطوة على طريق التكامل.. لكن من الضروري هنا أن تتجرد هذه الجوائز من المفهوم الضيق؛ فالعمل الرصين دائما ما يصبغ الجوائز الأدبية بالمصداقية ويمهد لها الرقي، ويخط لها أواصر النجاح.. لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة مبادرة جميلة أخرى في مجال الترجمة، هي مشروع "كلمة"، وهو من المشاريع النيرة لثقافتنا ولمؤسساتنا الثقافية، ويتجه نحو ترجمة التراث العالمي إلى لغة الضاد.. بيد أن مشروعاً متكاملاً لترجمة ثقافتنا إلى الآخر لا يزال غائباً، ولم تتسع له الرؤية من قبل المؤسسات الثقافية. ومع نهاية عام وحلول آخر، نأمل ونتمنى من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في مكونها الجديد أن تنتظم بها الجوائز والترجمة؛ فمنذ خطاب سمو وزير الثقافة في الصيف الماضي والمسار الثقافي في ترقب، يملؤه الأمل، وينتظر الجديد. وما تم تقديمه في الماضي على المستوى الثقافي يقدر ويثمن لكننا في زمن يبحث عن المشروع الثقافي المتكامل، والمتجلي من خلال الثبات على المثقف وخاصيته الإبداعية، ومن خلال الرؤية الشاملة للوزارة التي من شأنها أن تكسب المؤسسات الثقافية المختلفة وتساندها في تحدياتها ورقيها. قبل فترة وجيزة، انتهى المؤتمر العام للكتاب بتوصيات وأجندة عمل لا تتوازى مع المسمى الذي ينبئ بأنه مؤتمر للكتاب وملتقى لهم، وتناقش من خلاله أوراق عمل تخص الشأن الثقافي العام، ولكن اتحاد الكتاب وأدباء يعمد، وللمرة الثانية، إلى الابتعاد عن هذا المناخ، ليظل العنوان لا يتماشى مع الطرح الذي شهدته الجلسات. أما الملتقى الخليجي الذي استضاف نخبة من كتاب الخليج فكان الأجدر أن تعنون دورته باسم كاتب أو أديب إماراتي للتعريف به، والتذكير بالأدب وبثقافة الإمارات التي نتمنى لها انطلاقة مفعمة بالأمل.