بالأمس شيعت الإمارات شهداء الواجب الذين سطروا بدمائهم الطاهرة الزكية فصلاً جديداً من فصول ملحمة وطن يشهد له التاريخ دوماً بإجلال ووفاء. من الأرض ذاتها التي لطالما هتفوا لها في كل صباح، عادوا ليحتضنهم ثراها بحنو وفرح وفخر واعتزاز. كان الوطن بأسره حاضراً في وداع شهداء الوطن، فقد تقاطر أبناء الإمارات من كل مكان ليشاركوا في عرس الشهداء والاحتفاء بأغلى الرجال وأنبل الرجال وأشرف الرجال، الذين قدموا حياتهم فداء لراية الإمارات، وفداء لقيادة الإمارات ونهج ورسالة الإمارات. تحف بهم الدعوات والابتهالات أن يسكنهم الله الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين، والوفاء لتضحياتهم الجليلة المشرفة. ورغم المصاب الجلل ومرارة الفقد وفداحة الخسارة، كانت تغمر الجميع مشاعر الفخر بالانتماء لهذا الوطن، والاعتزاز والولاء لقيادة وطن حققت للإمارات وكل من تشرف بالانتماء لها وتواجد على أرضها، كل مقومات العيش الرغيد الكريم، وصنعت ازدهار ورخاء ورفاهية الإمارات، وكانت وستظل دوماً عوناً وسنداً للشقيق والصديق. وها هم أبناء الإمارات يعبرون عن معدنهم الأصيل ووفائهم الطيب لبلادهم ولقيادتهم، وهم يتدافعون -دون أن يُطلب منهم- نحو بنوك الدم للتبرع، ويؤكدون للجميع أنهم جميعاً فداء للوطن، ورهن إشارة القيادة، في موقف يتجدد ويتجلى فيه ويسطع معنى «البيت المتوحد». موقف أثلج صدر كل من يعز الإمارات، وأوغر صدر كل عدو اعتقد أن هذه الخسارة المؤلمة ستزعزع موقفنا الثابت والمبدئي الأصيل في الانتصار للحق أينما كان، وهذه المرة من موطن العرب الأول. وقبل أن تجف دماء شهدائنا الأبرار كانت مقاتلات الإمارات تثأر لهم، وهي تدك في قصف متواصل وتصب حممها على مواقع الخونة والانقلابيين الحوثيين وشراذم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وتحيل ليل مناطقهم نهاراً من قوة الضربات التي حملت رسالة شديدة الوضوح: ليست الإمارات من تعود عن مواقفها وتتراجع عن التزاماتها في نصرة الحق وإنقاذ أهلنا في اليمن من براثن الذين أردوا أن يجعلوا منهم مطية لإيران وأطماعها في منطقتنا الخليجية. وثأرنا لدماء شهداءنا سيكتمل بتحقيق النصر المؤزر وتقديم «الطالح» وقادة عصاباته ومليشياته أساس الفساد والخراب إلى العدالة جزاء ما اقترفت أيديهم وما تسببوا فيه من سفك للدماء ودمار في أرض اليمن. المجد والخلود لشهدائنا في عليين، والخزي والعار للأعداء، ولا نامت أعين الجبناء.