الإمارات ليست مجرد وطن نعيش فيه، بل هي عشق يسكن فينا، هي حضن دافئ نلجأ إليه إذا قست علينا الأيام، هي المهد الذي بدأنا فيه علاقتنا بالحياة، هي اللحد الذي سوف يحتضن أجسادنا عندما تصعد أرواحنا إلى بارئها، هي أغلى ما نملك، هي المهد وهي اللحد، هي أغلى من الأب والأم والزوجة والولد، هي الشعار الذي نحلم بتطبيقه كلما كنا نردده، «نموت، وتحيا دولة الإمارات العربية المتحدة». «نفديك بالأرواح يا وطن» جملة اقتطعتها من النشيد الوطني لبلادي، نعم نرددها يومياً، نعلمها لأبنائنا، حتى تترسخ في أفئدتهم، حتى تتمكن من عقولهم الباطنة، ليس هناك أغلى من هذا التراب الذي نعيش عليه، وليس أحب علينا من أن نضحي بالغالي والنفيس في سبيل عزته ورفعته، ولك علينا إذا دعا الداعي وصاح المنادي، نهديك أرواحنا ونروي ثراك بدمائنا، حباً وكرامة يا بلادي. غريبة هي الحياة بتناقضاتها، وعجيبة بمفارقاتها، فكيف عاشت الإمارات أمس الأول يوماً كانت فيه مشاعر الحزن، وفي الوقت نفسه سادت أحاسيس الشموخ والفخر، وعندما سالت دماء شهداء الإمارات على أرض مأرب في بلاد اليمن، أضحت الدماء مداداً خطت به أرواحهم الطاهرة شعار «لبيك يا وطن». ما أقساه من ألم، ولكنه لا يزيدنا إلا تكاتفاً وإصراراً للمضي قدماً من أجل تلك الدماء التي سالت حتى يعيش هذا الوطن شامخاً، وحتى يرفرف هذا العلم ويظل خفاقاً يحكي للأجيال القادمة، قصة المجد وحكاية الكرامة، ونفوس سخية، عاشت كريمة وماتت أبية، وضربت مثالاً في الإيثار والتضحية، وأرواح لم تهاب الموت في سبيل الله وفي سبيل أمتنا العربية. نحن أسعد شعب في العالم نقولها ونرددها صباحاً ومساء، وها هو الوطن يزف 45 شهيداً لحقوا بمن سبقوهم من أبناء الإمارات إلى مجد الشهادة، اختلفت الأسماء، ولكنها اتحدت عندما تخالطت الدماء، فما أسعدنا بكم أنتم الشهداء، فقد كانت دماؤكم هي الثمن، دفعتموه بنفس راضية من أجل نصرة الدين وعزة الوطن، ربح بيعكم، فهنيئاً لكم. نسأل الله عز وجل أن يحمي إخواننا المرابطين في جبهات المعركة وينصرهم على من عاداهم، وأن يسدد رميهم، ونسأله أن يغفر لشهدائنا ويرحمهم ويتقبلهم قبولاً حسناً، نعم نشعر بالألم، نعم نفتقدهم، ولكن قال تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون» صدق الله العظيم.