العلاقة الزوجية مبنية في الأساس على الحب، وإن مس هذا الحب طارئ مادي، أصبح الحب مساحة جدباء لا فيها عشب ولا خصب، الأمر الذي يجعل الزواج بين اثنين كالتقاء الضدين. في الإمارات، اتسم الإنسان بمشاعر أرهف من ورقة التوت، واتصفت العلاقة بين الزوج والزوجة، بعلاقة القلب بالجسد، والتضحيات من أجل عش الزوجية كانت الثابت في الحياة، ولكن وبعد القفزة الاجتماعية باتجاه مسارات مادية بحتة، صارت العلاقة بين الاثنين محفوفة بالمخاطر والمفاجآت، والصدمات، وصار الطلاق أبسط الحلول بالنسبة للطرفين، لأن ما يربط الرجل والمرأة، أصبح مادياً بحتاً، وصارت العلاقة جافة من غير ريق أو بريق. لذلك عندما نسمع عن ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة، فإننا لا نندهش، فالأمر طبيعي في ظل علاقة عاطفية بين الطرفين مرتبطة بشروط مادية، واشتراطات تمليها الأمهات، بغية التباهي أمام الأخريات من أن ما لديهن أعظم مما لدى غيرهن، وكذلك الشباب الذي أصبحت علاقته بالصورة الملونة أكثر بكثير من علاقته بالجوهر، لذلك فعند أي عقبة صغيرة فلا يتورع الشباب من نطق الكلمات الثلاث من دون تردد أو شعور بالندم، وكذلك الفتاة التي خضعت للمظاهر الخارجية، فإن الطلاق لا يشكل لها مشكلة بل لا يهز لها شعرة بدن، فهي تقول من طرف اللسان، إن رحل فإن غيره كثر، ثم تصد وتشيح بوجوم وتمضي لبان سخريتها، وتنظر إلى الهاتف لتتابع أحدث النكات واللقطات المضحكة.. ففي تقرير لمحاكم رأس الخيمة أن خلال السنة الحالية، فإن عدد حالات الطلاق قبل الزفاف بلغت 8 حالات، أي ضعف الحالات في الأعوام السابقة، وهذا مؤشر خطير يستدعي التحرك جدياً باتجاه التنوير وتغيير هذه الثقافة والقبض على مشابك القضية، كي لا تصبح الظاهرة مبادئ عامة لا يمكن التخلص من شرورها. التحرك يبدأ من جهات عدة، من البيت أولاً، والمدرسة ثانياً، والمساجد، وبدعم واضح وصريح من الإعلام، الذي يستطيع أن يغير وجه الحياة إذا ما أراد وإذا ما دخل القضية بأسلوب علمي مدروس وممنهج. فلابد من تحريك العجلة إلى مسافات أبعد من ثقافة الاستهلاك، والمرور بها في مناطق الروح، ليصبح الحب، وتد الخيمة العاطفية.