دخل عبد الملك بن مروان على معاوية فسلّم وجلس، فلم يلبث أن نهض، فقال معاوية: ما أكمل مروة هذا الفتى: فقال عمرو: إنّه أخذ بأخلاق أبيه وترك أخلاقاً ثلاثاً: أخذ بأحسن البشر إذا لقى، وبأحسن الحديث إذا حدّث، وبأحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر المروّة إذا خولف، وترك مزاح من لا يثق بعقله، وترك الكلام فيما يعتذر منه، وترك مخالطة لئام الناس. كانت العرب تقول: من لم يكن عقله من أوفر ما فيه كان هلاكه من أخسّ ما فيه. ومن كانت فيه خلّةٌ أرجح من عقله فبالحري أن تكون سبب منيّته. وقيل عن العرب، أنها كانت تقول: من لم يكن في أغلب خصال الخير عليه عقله كان في أغلب الخصال عليه حتفه. كلّ شيء كثر رخص، ما خلا العلم فإنّه كلّما كثر غلا. جاء رجلٌ فاستأذن على ابن المقفّع، فخرجت إليه جاريته فقالت: إنّه شرب الدواء. فقال: إنّي من أصحابه. فقالت: لو كنت من أصحابه لقعدت عنده كما قعد أصحابه. قال: فإنّي رجل له حاجةٌ. فقال ابن المقفّع: أدخليه وقولي له فليوجز. فدخل فقال: ما حيلة من لا حيلة له؟ قال: الصّبر. قال: فما خير ما يصحب المرء؟ قال: العقل. قال: فإنْ حرم ذلك؟ قال: فصمتٌ طويلٌ إذا جالس الناس. قال: فإن حرم ذلك؟ قال: فليمت إذا شاء! وقال قيس بن زهير حين تزوّج إلى النّمر بن قاسط: إنّي موصيكم بخصالٍ وناهيكم عن خصال. عليكم بالأناة فإنّ بها تنال الفرصة، وبتسويد من لا تعابون بتسويده. وعليكم بالوفاء فإنّ به يعيش الناس. وأنهاكم عن الفضول فتعجزوا عن الحقوق، وعن منع الحرم إلاّ من الأكفاء، فإن لم تصيبوا لها الأكفاء فإنّ خير منازلهنَّ القبور. وانتهزوا الفرصة فإنه قلّ مقصّر فيها يسلم من الندامة عليها. وقيل لأعرابيّ: كيف حالك؟ فقال: ما حال من يفنى ببقائه، ويسقم بسلامته، ويؤتي من مأمنه. من أمثال العرب: كلُّ من أقامَ شخص، وكلّ من زاد نقص، ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء. ومن مليح ما قيل في شكوى الدمع قول محمد بن عبد الله بن طاهر: وأعجبُ ما في الدّمع عصيانُ وقته وطـــاعتُه أوقاتَ من يتفقَّدُ إذا قلتُ أسعِدْ لم يُغثني وإن أقُلْ له كفّ عني نمَّ والقومُ شهَّدُ وقال أبو بكر محمد بن يحيى في هذا المعنى: أرابكَ دمعٌ إذْ جــــرى فحملتني من الضُرِّ والبلوى على مركبٍ صعبِ فلا تُنكرنْ لونَ الدُّموع فإنّما يبيِّضُــها تصعديها من دم القلبِ قال أوس بن حجر: وإنّي وجدتٌ الناسَ إلاّ أقلَّهــــم خفـــافَ عهودٍ يكثرون التنقُّلا وليس أخوك الدائمُ العهدِ بالذي يذمّـــُك إنْ ولَّى ويرضيكَ مُقْبلا ولكنّه النائي إذا كنتَ آمنــــــــــاً وصاحبك الأدنى إذا الأَمُر أَعضلا Esmaiel.Hasan@alittihad.ae