في الحكاية القديمة، قيل إن رحّالة أراد أن يتعلم فكرة التأمل، فدخل على أحد الحكماء، طالباً المعرفة ولما دلف من خلال الباب، صفق الباب من خلفه بعنف ثم رمى بحذائه في زاوية قصية، ثم مد يده ليصافح الحكيم، إلا أن الحكيم رفض مصافحته، إلا بعد أن يعتذر للباب الذي صفعه بعنف وكذلك، عليه الاعتذار للحذاء الذي فك رباطه بغضب ورماه بعيداً. استغرب الرحالة، فكيف به يعتذر لجماد، وكيف يطلب منه أن يقدم هذا الاعتذار لحذاء يلبسه ويدوس به التراب.. وبعد محاولات لإثناء الحكيم عن رأيه، والتي لم تجد نفعاً، أذعن الرحّالة، وسار منحنياً تجاه الباب معتذراً طالباً السماح وكذلك فعل للحذاء. وبعد أن نفذ الرجل الأوامر، مد يده، فصافحه الحكيم بنفس رضية، ولكن الرحالة تساءل قائلاً: هل لي أن أعرف لماذا فعلت معي هكذا؟ أجاب الحكيم قائلاً: لقد جئت تطلب تعلم التأمل، ومن أهم شروط تعلم التأمل، أن تكون النفس صافية وشفافة وأنت جئت مشحوناً بالغضب والحقد فكيف لك أن تتعلم التأمل وأنت تعاني من شروخ في الذات، وتحمل وزر ميراث من الانحطاط جعل ذاتك مثل جيفة منتفخة.. فهدأ الرحّالة، واستجاب لتعاليم الحكيم وأيقن أن في التأمل يجب أن يأتي الإنسان من دون شحنات عدوانية تجاه الأشياء.. سواء جماد أو نبات أو حيوان أو إنسان.. وهكذا يفعل الإرهابي، إنه يواجه الواقع بحزمة من الأفكار العدمية، يواجه العالم بقلب يكتنز الحقد ويريد الآخرون أن يتعلموا ما تعلمه.. هكذا يفعل الإرهاب إنه يعاني من مخزون رهيب من الأفكار السوداوية، ويخرج إلى الشارع بهذه الكتلة النارية، فلا يستطيع أن يتعايش مع الآخر، لأنه لا يجد نفسه وسط محيط الآخر المسالم والمحب للسلام والوئام. الإرهابي كائن أشبه بخنفساء الروث، تخرج من تحت الحثالة، وكيانها يحمل أوزار الفضلات التاريخية، هكذا هو الإرهابي.