بعد دراسة عميقة أخذت مني ما يقارب نصف ساعة من البحث والتمحيص والمداولة، قررت أن أقسم الجمهور «إلى بالي بالكم»، إلى مجموعات مختلفة: - القاسي: وهم النوعية التي لا يهمها أي شيء، تشتم كل من في الرياضة وحتى بعض الجماهير التي تناقشهم، كل طرف لا يعجبها فعلاً أو قولاً أو حتى شكلاً يتم مسح وجهه في «بلاط» الأرض متلقياً كل أنواع القذف والسب والتجريح، فبالنسبة لهم هذا الأسلوب لا يعتبر سوى نوع خاص من الوصف والنقد، حتى لو كان في الحقيقة قلة أدب. - المفسّر: وهو النوع الذي يتفنن في التفسير والتشكيك لكل المواقف التي تحدث أمامه، فهذا الحكم يكرههم، وهذا اللاعب مرتش، وهذا المسؤول يعمل ضدهم، وهذا الإعلامي أو المحلل الفني هدفهم الأول هدم ناديهم وتشتيت فريقهم. - المعترض: وهو الجمهور الذي لا يوافق على أي شيء، فهو زعلان في حالتي الخسارة والفوز، فإن هُزم فريقه سيرفض مبدأ أن الكرة فوز وخسارة، وإن انتصر ناديه اعترض على قيمة المكافأة، متسائلاً لماذا يحصل اللاعبون على كل هذا. - الواهم: وهو النوع الذي «عاش الدور» ينتقد ويوجه ويريد من اقتراحاته أن تُنفذ حالاً، يجلس في المقهى والموبايل في يده ويضع استراتيجيات العمل الإداري بميزانية مقدّرة من رأسه، ويرسلها على صفحته في «تويتر» الذي لا يتابعه سوى بعض الموالين له من رواد المقهى، وحين يكتشف أن رسالته كالعادة لم تصل انفجر غضباً، ويبدأ حملته الشعواء على إدارة ناديه. - الأوروبي: وهو النوع الذي ذهب بالصدفة أو بتخطيط أصدقائه وشاهد لمرة واحدة في حياته إحدى قمم الدوري الإنجليزي، ليعود إلى الدولة بفكر مختلف، وأول ما يقوله للناس لحظة عودته: «بعدكم تتابعون دورينا، أنا ما أشوف إلا العالمي»، مستطرداً في مستوى ذوقه الذي ارتفع فجأة قائلاً: «ليش أدفع حق التشفير دوريكم ما يشجع»، كيف هانت عليك العشرة يا الأوروبي؟. - الواعي: وهو الذي يدرك أن عدم وجود رقابة في «تويتر» لا يعني شتم وقذف الجميع، وعدم تحقيق فريقه نتائج متميزة لا يعني مقاطعته، وحصول اللاعبين على رواتبهم لن يخصم من رصيده في البنك وأن من يعمل في النادي جاء لينتج وليس ليفسد. كلمة أخيرة الجمهور الحقيقي هو الذي سنراه اليوم في مباراة منتخب الجمهور الإسباني، رغم يقيني أن ثلثي هذا الجمهور سيكون مشغولاً بطلعات «الويك اند».