قال رجلٌ للأحنف ممن أنت؟ قال: ممن ودني. قال عبدالعزيز بن زرارة: أول المعرفة الاختبار. وقيل للأحنف ما أحسن المجالس؟ قال: ما سافر فيه البصر، واتدع فيه البدن، وأمن فيه الثقل، وكثرت فيه الفائدة. وكتب المهلب إلى عبدالملك حين هزم الأزارقة: أما بعد فإنا لقينا المارقة، ببلاد الأهواز، وكانت في الناس جولة، ثم ثاب أهل الدين والمروءة، ونصرنا الله عليهم، فنزل القضاء بأمرٍ، جاوزت النعمة فيه الأمل، فضاروا دريئة رماحنا، وضرائب سيوفنا، وقتل رئيسهم في جماعة من حماتهم، وذوي الثبات منهم، وأجلى الباقون ليلاً عن معسكراتهم، وأرجو أن يكون آخر النعمة كأولها إن شاء الله تعالى. قال أعرابي لمعاوية: هززت ذوائب الرحال إليك، إذ لم أجد معولاً إلا عليك، وأمتطي الليل بعد النهار، واسم المجاهل بالآثار، يقودني نحوك الرجاء، وتسوقني إليك البلوي والنفس مستبطئة، والاجتهاد عاذر، وإذ بلغتك فقط. فقال معاوية: أحطط رحلك يا أعرابي. وذكر بعضهم رجلاً فقال: كان قريب مدى الوثبة، لين العطفة، يرضيه القليل ولا يسخطه الكثير. كانت قريش تستحسن من الخاطب الإطالة، ومن المخطوب الإيجاز، فخطب محمد بن الوليد بن عتبة إلى عمر بن عبدالعزيز ابنة أخيه، فتكلم بكلام جاز الحفظ. فقال عمر: الحمد لله الذي أنطق البلغاء ذي الكبرياء، وصلى الله على محمد خير الأنبياء، أما بعد فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة فيك إجابتك منا، وقد أحسن بك ظناً من أودعك كريمته، واختارك ولم يختر عليك، وقد زوجناك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فكان هذا من أوجز خطبة وأحسنها للمراد. ومن موجز كلامهم: ليس مع الخلاف ائتلاف. وقولهم: رضا الناس غاية لا تبلغ. وقولهم: لا ينفعك من جار سوءٍ توق. وقولهم: سرك من دمك. وقيل: من لم يمت لم يفت. وقولهم: عقل الكاتب على قلمه. ومن الصدق الذي لا ارتياب فيه قولهم من جالس عدوه حفظ عليه عيوبه. ومن الموجز المليح ما روي أن بني أمية وفدوا على عبدالملك بن مروان، فقال أهل الشام: ما عسى أن يقول خطيبهم؟ فقام رجلٌ منهم فقال: يا أمير المؤمنين نحن من تعرف، وحقنا ما لا تنكر، وجئناك من بعد ونمت من قرب، فمهما تفعل بنا من خير فنحن أهله، فتطاول عبدالملك وقال: يا أهل الشام هذا كلام قومي. ابن رشيق القيرواني الأزدي : أَشْقَى لعَقْلِكَ أنْ تَكُونَ أَدِيـــــباً أوْ أنْ يَرَى فيكَ الْوَرَى تَهْذيبا ما دُمْتَ مُسْتَوياً فَفِعْلُكَ كُلــــُّهُ عِوَجٌ وإن أَخْطَأْتَ كُنْتَ مُصيبَا كالنَّقْشِ لَيْس يَصِحُّ مَعْنَى خَتْمِهِ حَتَّى يَكُونَ بِناؤُهُ مَقْلُوبا Esmaiel.Hasan@alittihad.ae