لا حديث يعلو هذه الأيام على حديث التشفير.. كُتاب الأعمدة والمعلقون والمحللون ومداخلات الجماهير عبر البرامج الرياضية، كلها تتهم التشفير بأنه سوف يقضي على المتعة والإثارة على المستطيل الأخضر وفي المدرجات، وانقسم الإعلاميون بين مؤيد ومعارض وبين متحفظ، في انتظار ما قد تتفق عليه الأطراف مع قناعات، مؤكدة أن الجانب المادي ليس سبباً في الرفض، وإنما حرمان الأسر في المنازل والمغتربين من الطلبة، ومن يتلقون العلاج في الخارج. وقرار التشفير لم يكن مفاجأة، فكل المؤشرات كانت توحي بأنه قادم، بغض النظر عن مستوى الدوري والعوائد المادية لأطراف اللعبة، لأننا على يقين بأن البدايات الأولى من التشفير لن تعوض الكلفة التشغيلية للأندية واتحاد الكرة ولجنة دوري المحترفين، وما يصرف على النقل والتغطية التلفزيونية يفوق العائد منه، إلا أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة وخطوات اليوم نبني عليها خططنا وبرامجنا المستقبلية في الوقت الذي لم تعد الرياضة وكرة القدم هواية، وإنما صناعة وتجارة تصرف عليها الدول والحكومات مبالغ طائلة، وحان الوقت حتى تعتمد اللعبة الشعبية والجماهيرية المكلفة على نفسها في الصرف بعيداً عن اثقال كاهل الحكومة رغم أنها قادرة على ذلك. وكان لزاماً أن تتحاور الأطراف المعنية للوصول إلى الصيغة التي تعلن من خلالها تشفير مسابقاتنا الكروية، ويكون الإعلام شريكاً رئيسياً في تبني وجهات النظر في هذا الشأن، لا أن ينقسم بين وجهتي النظر، وتستغل مشاعر الجماهير ورغباتها في التهكم على قرار قد يصب في مصلحة دورينا، وإن عانى منه البعض في المراحل الأولى، إلا أنه سيحدد قناعاته بعد ذلك إذا أدرك أن التشفير حتمي ومسألة وقت ليس إلا. وإذا كانت لجنة دوري المحترفين على قناعة بجدوى التشفير، فقد كان حري بها أن تدعو لاجتماع موسع يشارك فيه كل أطراف اللعبة والقنوات المالكة للحقوق والإعلاميين لمناقشة التوجه، وإيجاد آلية لإقناع الشارع الرياضي به بدل الانقسام الحاصل بتشجيع بعض الإدارات وإداريي الأندية، وتبنى بعض الجهات الإعلامية والإعلاميين وجهات نظر مغايرة لتوجه أصحاب الشأن في التشفير وإقناع المعارضين والوصول لصيغة لا أقول توافقية وإنما لإقناعهم بمبدأ التشفير الذي ربما يصبح واقعاً مع مرور الزمن ولا مناص من إنكاره ورفضه، خاصة بعد أن بدأ توجه جماهيرنا الكروية إلى المقاهي والتجمعات لمتابعة الدوري وحرمان الأسر من المتابعة بعدم قناعة رب الأسرة وعائلها بشراء جهاز الاستقبال.