إن مثل هذه الأخطاء كثيراً ما تكون ضمن أخطاء بروتوكولية، فالرئيس الأميركي نيكسون قال أثناء جنازة الزعيم الفرنسي ديغول معزياً: «إن هذا ليوم عظيم بالنسبة لفرنسا كلها». وهناك مسؤول جزائري كان يتحدث مع ضيفه الفرنسي، ولم ينس أن يشكره، ويشكر حكومة فرنسا «العظمى»، فبهت الفرنسي لأن هذا اللقب قد تخلت فرنسا عنه بنفسها قبل حرب التحرير الجزائرية، وقبل حروب الهند الصينية. بوب دول المرشح الرئاسي في أحد الانتخابات الأميركية نسي اسم «لاس فيجاس» في حمى الانتخابات، وتصفيق الحضور، وامتدح بدلاً عنها «دالاس» وسط ذهول الناخبين الذين دعموه وساندوه. أما بوش الابن فيعد من أكثر الرؤساء عرضة لهذه الأخطاء والهفوات، ومن أشدهم سهواً، وأحياناً جهلاً بالمسميات كالحروب الصليبية، وحروب العدالة المطلقة، ومعرفة أسماء الأشخاص، مثل «مشرف» الرئيس الباكستاني، والحليف الأساسي. أما زوج الملكة البريطانية الأمير فيليب الذي يبدو في الصور الرسمية هادئاً، صامتاً خلف الملكة، لكنه حين يتحدث تكون الطامة الكبرى، فكثيراً ما أحرج القصر الملكي بسبب زلات لسانه، كان مرة يتجول في شمال إنجلترا فرأى صندوقاً كهربائياً قديماً، ومعلقاً بطريقة سيئة للغاية، فقال: «يبدو أن هناك هندياً عبث به، بمعنى ركّبه». أما بوتين فلم تختلف ردات فعله، وتصرفاته حين كان رئيساً، أو رئيساً للوزراء، عن ذلك الرجل المخابراتي في ألمانيا، فكثيراً ما يتصرف بعكس فلسفة الجودو التي يتقنها، ففي معرض رده على مراسل صحيفة «لو موند» الفرنسية حين سأله عن المقاتلين الشيشان، وبسالتهم، قال للصحفي: «لما لا تجرب الختان؟ فهذا أفضل لك من الأسئلة»، وميركل الألمانية أكثر الناس ضيقاً به، حتى إنه جفلها مرة بكلابه التي تخافها. ومرة أرادت مذيعة فرنسية أن تحرج الملك الحسن الثاني، وهي تستضيفه في برنامجها الشهير قائلة: «إن المغرب العربي مثل الطائر، معدته هي الجزائر، وجناحاه موريتانيا، وعنقه تونس، ورأسه ليبيا، والمغرب ذيله» فرد الملك الحسن بذكائه المعهود: «لابد أن هذا الطائر هو الطاووس بالتأكيد». الرئيس الأميركي ريغان طلب منه الفنيون اختبار الميكروفون قبل توجيه خطابه الإذاعي للأمة، من غير أن يدركوا أنهم على الهواء مباشرة، فقال ريغان بعد أن تنحنح، متذكراً أيام التمثيل الفاشل: «أيها المواطنون الكرام، يسرني أن أعلمكم أنني وبكل فخر قد وقّعت اليوم على خطة ستمسح الاتحاد السوفييتي، وسيزول من على هذه الأرض إلى الأبد، باركوها أيها المواطنون الشرفاء، لأننا سنبدأ القصف خلال الدقائق الخمس المقبلة!».. وغداً نكمل