ما إن بدأ فيديو «العضلات الشهير» بالانتشار في وسائل الاتصال الحديث، إلا وبدأت النيابة العامة في أبوظبي القيام بأدوارها بطريقة جديدة ومحترفة لم نعهدها من قبل، أخبار رسمية تصل أولاً بأول إلى وسائل الإعلام تحمل في طياتها كل التفاصيل، من غير أن تمنح لأي جهة فرصة الاجتهاد أو خلق منافذ لفتح أخبار، أو معطيات غير صحيحة، وقامت بعدها بمبادرة لاقت الإعجاب، من خلال حملة على مواقع التواصل، تنبذ من خلالها التعصب الرياضي، وتوصي بالابتعاد عن كل ما هو دخيل على أخلاقنا، مطالبة بطريقة سلسة أن الرياضة ليست مكاناً لدرء الخلافات أو موقعاً للكراهية والتعصب أو باباً للقذف والشتم والتقليل من الآخرين، ما كنا نظنه سابقاً أن النيابة هي جهة أمنية تستدعي وتحقق مع المتهمين، وتحولهم بعد ذلك إلى الجهات المعنية حسب ما تراه متوافقاً مع إجراءاتها القانونية، ولكن أن تقوم بكل هذه الأدوار المجتمعية الهادفة، وبهذه المبادرات المدروسة وفي وقت ضيق، يدل على احترافية عالية ومواكبة بتعمق للإدارة الحديثة التي تهتم بالمجتمع متواصلة بشكل مسؤول مع شريحة مهمة تعيش في عالم الرياضة، فهي تدرك أن المجتمع الرياضي الذي يضم نسبة كبيرة من الشباب بمختلف فئاتهم جزء مهم من المجتمع الكبير الذي تهتم به هذه المؤسسة المتطورة في جميع المناحي. ولن يلوم أحد النيابة العامة في أبوظبي لو قامت بالتحقيق مع المتسببين في الواقعة مكتفية، بإصدار أوامر القبض، أو الاستدعاء مغلقة الباب أمام الجميع إلى أن تنتهي من التحقيق، لتصدر بعدها بياناً رسمياً للجهات الإعلامية، ولكن حس المسؤولية المجتمعية أصبح مختلفاً لديهم، والروح الإيجابية التي تمنحها للمجتمع أصبح منهجاً تتبعه بكل تفان، لتتصدر ردود الفعل التي لاقت تفاعلاً إيجابياً من مجموعة كبيرة من رواد مواقع التواصل، وحولت الشارع الرياضي من مهاجمين شرسين للموقف إلى أعضاء هادفين ينقدون ما حدث بطريقة أكثر لباقة. فشكراً للمستشار علي محمد البلوشي الذي أشعر فريق عمله بهذا الحس وواكب الطريقة الجديدة في التواصل مع المجتمع مقدماً رسالة مجتمعية يؤكد من خلالها أن هذه الدائرة الحكومية ليست كما كنا نظن سابقاً فهي حافظت على هيبتها وقيمتها وتغلغلت في المجتمع بكل هدوء لتحرك الشارع الرياضي بذكاء وبحس أمني وإعلامي لم نتوقعه. من خلال هذه البادرة وهذا الموقف أصبحنا اليوم أمام حراك مؤسسي مختلف يستشعر نبض المجتمع ويتواصل معهم قبل أن يصلوا إليه ويقدم رسالته التي تهدف لسلامة عقول الشباب من هذا الداء قبل أن يستشري بجسدنا، فشكرا ألف مرة على هذا النهج الرائع.