الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طوكيو وسيئول.. وترميم الذاكرة

30 مارس 2014 00:18
بالنسبة للكوريين الجنوبيين، يُعتبر آن جونج جون «بطلاً قومياً»، ذلك أنه هو ناشط الاستقلال الذي أقدم في 1909 على اغتيال الحاكم الاستعماري الياباني لكوريا، مستهدفاً بذلك الشخصية التي كانت تجسد قوة إمبريالية ممقوتة، ومضحياً بنفسه من أجل الاستقلال الوطني. أما بالنسبة لليابانيين، فهو مجرم، لأنه هو الرجل الذي قتل شخصية مهمة في تاريخ بلدهم، ورائداً من رواد تحديث اليابان، ورئيساً لوزرائها لأربع مرات، ضمِن صمود بلدهم وبقائه في عالم مُعادٍ. وهذان الرأيان يعكسان المواقف التاريخية المتعارضة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهويتي اليابان وكوريا الجنوبية الوطنيتين -وهي مواقف متناقضة ما زالت تقف في طريق إعادة الدفء الضرورية إلى العلاقات بين البلدين. والحال أن من شأن تقاربهما، بوصفهما قوتين ديمقراطيتين مهمتين وحليفين للولايات المتحدة في منطقة ما فتئت تزداد توتراً، أن يعزز استقرار المنطقة ويشكل جبهة موحدة في مواجهة الصين الساعية إلى تأكيد نفوذها، إضافة إلى كوريا الشمالية غير المستقرة. ولذلك، فالمطلوب هو نوع جديد من الزعامة السياسية من أجل معالجة مثل هذه الانقسامات التاريخية المتجذرة. وروح المصالحة هذه هي ما سعى أوباما إلى تحفيزه ودعمه بين زعيمي البلدين في اجتماع عُقد على هامش قمة الأمن النووي في مدينة لاهاي الهولندية هذا الأسبوع، وهو الاجتماع الذي مثل أول لقاء رسمي بين رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيسة الكورية الجنوبية بارك جون هاي. وعلى أوباما أن يواصل تشجيع عملية التقارب وبناء الجسور هذه، بينما يستعد لزيارة آسيا في أبريل المقبل. والواقع أن أسباب التوتر في العلاقات اليابانية- الكورية الجنوبية معروفة، فهي تشمل النزاعات الترابية، والتأويل المختلف للتاريخ، والحسابات السياسية الداخلية ذات النزعة القومية. ولكن الأهم من ذلك كله هو مفهوما الهوية الوطنية في كل من اليابان وكوريا الجنوبية. ذلك أن الحلول السياسية لمشكلات العلاقات اليابانية- الكورية الجنوبية ستستمر في الفشل طالما ظلت هوية كل بلد تؤطَّر ضد البلد الآخر. وعليه، فثمة حاجة إلى «إعلان مشترك»، يشكل أساساً لعلاقات مجددة، إعلان يعترف بالآلام التاريخية ويكف عن إنكارها، ويؤكد القيم الديمقراطية المشتركة، ويتعهد بالتضامن للحفاظ على سيادة السلام في المنطقة والرد بشكل مشترك على التهديدات الأمنية الجديدة. كما أن من شأن مثل هذا الاتفاق أن يساعد على تغيير التصورات الخاطئة داخل كل بلد ومعالجة الجوانب الخلافية المتعلقة بالهوية التي تقسِّم البلدين. ولهذا الغرض، ينبغي: أولاً، أن يتضمن هذا الإعلان تشديداً على عبارة «لا حرب» التي تؤكد أن البلدين لن يلجآ أبداً إلى استعمال القوة لتسوية أي نزاع، وهو ما من شأنه أن يضع حداً للتوترات ويحد من مشاعر الارتياب فيما بينهما. ثانياً، أن تعلن اليابان دعمها لإعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت حكومة سيئول، وهو ما من شأنه أن يُظهر أن اليابان تؤيد إعادة توحيد كوريا ولا تخشاها. ثالثاً، أن يعكس القيم والمصالح المشتركة التي توحد البلدين، ومن ذلك سبل احتواء تهديدات الأمن البحري ومشاكل التجارة البينية. رابعاً، أن تعترف كوريا الجنوبية بمساهمات اليابان في الأمن الإقليمي ودورها الأمني مستقبلاً. خامساً، أن يتفقا حول يوم يحيي فيه البلدان الملامح الإيجابية من تاريخ القرن العشرين بشكل مشترك بدون أن يقعا ضحية له. ولهذا، ينبغي استبدال احتفالات الخامس عشر من أغسطس الحالية التي تخلد ذكرى هزيمة اليابان وتحرير كوريا الجنوبية بحدث يسمح لكلا البلدين باستعادة التاريخ كندّين. وخلاصة القول هي أن معالجة مشكلات الماضي تعتبر إحدى أهم الخطوات التي يمكن لهذين البلدين خطوها نحو تأمين مستقبل، لتعاونهما ومصالحهما المشتركة -ومصالح الولايات المتحدة أيضاً. ولهذا، يتعين على أوباما أن يشجع بيئة تسهِّل هذه الخطوات خلال زيارته المقبلة إلى المنطقة. براد جلوسرمان وسكوت شنايدر خبيران أميركيان في العلاقات الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©