لو تخيلنا كيف يصنع الإنسان مجده، من «أنا» متوهمة، تقوم على حث الفكر باتجاه عدم الإشباع، وعدم الكفاية، وعدم الاقتناع بمحصلات الواقع، ووضعنا مثالاً لأشخاص تعلقوا بالمجد الوهمي وسعوا لأن يكونوا الأميز من بين البشر، من هؤلاء جنكيز خان الذي أحرق العالم من أجل مجد الهوية التترية، وكذلك ادولف هتلر الذي أشعل حرباً كارثية أطاحت بعشرات الملايين من البشر، من أجل الهوية الآرية التي استبعدت فكر هذا القائد النازي. متى تتورم «الأنا»؟ هناك عوامل عدة أهمها عندما يشعر الفرد بأنه محاط بمجموعة من الأفراد وضعته في مقام الشخص المثالي، فهنا تبدأ إبر الأنا تخز ضمير هذا الشخص وتبدأ مسامير الأنا تجمع تراكم الصدأ حتى يصبح هذا الشخص مجرد كائن تقوده عجلات الذات الواهمة بأنه الشخص الأهم وأنه الذي لا يخطئ وغيره خطاؤون، وأنه الأكثر صدقاً وغيره كاذبون. القرضاوي بدأ واعظاً في شؤون الحرام والحلال فيما يتعلق بالصلاة والصيام والزكاة وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، وكان يعد برنامجه الأسبوعي عبر تلفزيون قطر الأبيض والأسود وكان الرجل يبدأ أبيض القلب نقي السريرة، ولكن بعد أن توسعت حدقة «الأنا» لديه واختطفته قناة الجزيرة أصبح يملك رصيداً قوياً من الذات المتضخمة وصار يفكر في نفسه أكثر مما يفكر به في شؤون المسلمين، واستطاع في غمضة عين أن يحل محل شوفينين أمثال من ذكرناهم، وصار يتحدث بدين سياسي كما ترتئيه قناة الجزيرة وكما تم التخطيط له في الدوائر العالمية المشبوهة التي تنتمي إليها الجزيرة، كما انتهى إليها القرضاوي وأصبح الأمر من الجهاد من أجل الدين إلى استخدام الدين كأداة تملك واستحواذ وسيطرة حتى وإن انتهى الأمر بتدمير العالم وتشتيت شعوب وتشريد أطفال وتحطيم بنى اجتماعية واقتصادية، لأن «أنا» القرضاوي الموسومة بالأنانية والعدوانية أصبحت أكبر من الأوطان وأهم من معاناة الشعوب وأعظم من أي مشكلة قد تؤدي إلى حروب طاحنة تأكل الأخضر واليابس.. فجنكيز خان لم يهتم بدماء أهل بغداد ولا بمكتباتها التي أحرقها، هتلر لم يعتن بما ستؤول إليه حربه من دمار لأوروبا. Uae88999@gmail.com