عمود اليوم ثمنه خمسة الآف يورو، لكن قبل ما يقول بعضكم: حلال عليك، أسبقهم وأقول: إنه كلفني خمسة الآف يورو، لأن الإنسان دائماً ما يتعلم من كيسه، لكن بعد كل هذه الأسفار الدائمة، والمعرفة المتعددة، نقع، والوقعة بسبب البساطة، ونشعر أن الغرامة «غميضة»، خاصة حينما تصحو من النوم صباحاً، ويصَبّح عليك إبليس، ويذكرّك بها، فتستعير من أقوال الأولين ما يعضد فكرة نعمة نسيان بعض الأشياء، وكأنها لم تحدث، كقولهم: «الخسارة.. خسارة الروح»، أو «دفّاعة بلاء»، فتركن إلى أن ما صار يجب أن تشارك فيه القراء، لتعميم الفائدة، ولأن أكثرهم مثلك، يمشون بالبركة، وعلى البركة، وهذا ما يخسرنا أحياناً أموراً كثيرة، كمثل الذي «سار يدوّر الفائدة، فلقى الخسائر زائدة»، سيقول البعض: ما لك تتحدث اليوم مثل العجائز؟ وأقول: صحيح، لأننا في مراحل من أعمارنا، ننهج نهجهن، ونسير على دربهن، فأنا كثيراً ما «أتحيد» بفلوس هنا.. وهنا، والأسباب التي أسوقها للنفس، خوف أن أنقطع، وخشية ثقل السؤال، ويمكن أن تنفع وقت العوز، أو يمكن أن «يدغروا عليك خطّار» فجأة، تماماً مثلما «تحيدون العياييز»، وتتذكرون أسبابهن، ومسبباتهن، فهن اللاتي علّمننا معنى أن تلقى كل شيء تحت يدك، حينما تحتاجه، ولا مِنّة الناس، لذا «يتذخرّن» بفليسات هنا، و«غويزيات هناك»، وتجدهن يَصِررن في طرف شيلتهن أو وقايتهن شيئاً قد يحتاجه حفيدها أو تسكّت به بنت بنتها، المهم، ولأنني من يطرأ عليّ السفر تجدني أفزّ، وينشرح صدري كمن «يصعط سمناً وعسلاً»، ألقط أغراضي في آخر لحظة، وأتناول أي حقيبة من الجاهزات، والرابضات للأسفار المفاجئة، وفي أسراب تلك الحقائب أغرز هنا كم من ألف من العملة الصعبة، وهنا خردة من فلوس باقية من السفرة الماضية، وجيب سرّي أضع فيه خلاصة تجارب الأسفار «آه.. ها تحتاج برع شيئاً، ترا لا ابن عم يثيبك، ولا صديق يدّق لك صدره»، فأدخر مبلغاً يجعلني أقاوم ثلاثة أيام بلياليها، قبل أن أنتقل لفندق متواضع، وأحاول الوصول للدار بـ«لنش خشب»، المهم وصلت أحد المطارات الأوروبية، وكدت أخرج، فاعترض لي واحد من الجمرك، وسألني هل تحمل نقداً، فقلت نعم، قال كم؟ قلت: لا أدري، ولم يصدقني، وكنت صادقاً، فقال:لأن ما يزيد عن عشرة الآف يورو عليك أن تصرّح به في دخولك أو خروجك، ففتحت له الشنطة أو «مندوس العياييز» وظل يحسب، ويعزل، ولما كبر المبلغ، ظهرت عليه بوادر أنه اصطاد مهرباً..