الأكيد أن النفس البشرية لا تتقبل التشفير ولا أحد يحب أن يدفع الفلوس كي يُتابع مسلسلا أو مباراة أو حتى فيلم ولكن النفس البشرية أيضا تتكيف مع الظروف والمتغيرات التي تطرأ على حياتنا خاصة في السنوات العشرين الأخيرة ويومها كنت أعيش في بريطانيا ودخلت قنوات سكاي على حياة البريطانيين وبات عليهم أن يدفعوا لمشاهدة دوريهم أو أن يذهبوا للمباريات ولا حل وسط حتى اليوم لا بل وصل التشفير للمباريات الدولية وكنت شاهدا يومها على النقاشات الجماهيرية والإعلامية حول موضوع التشفير الذي بات اليوم جزءا راسخا من حياة البريطانيين والأوروبيين والأميركيين. فمعظم العرب الآن هم عاشقون لبرشلونة وريال مدريد وليفربول والميلان والإنتر وتشيلسي وباريس سان جيرمان ومان يونايتد ومان سيتي وهم لا يدفعون لمشاهدة أنديتهم المفضلة إما عبر الاشتراك التلفزيوني أو عندما يذهبون للمقاهي فلا شيء مجانيا وبالتالي فلا يمكن استهجان تشفير دوري الخليج العربي أو البطولات التي لها حقوق، لأن هناك من دفع الملايين لشراء هذه الحقوق، وبالتالي هي سلعة معروضة للبيع وليست مادة مجانية رغم أن هناك من يقول إن الدولة غنية ولا تحتاج لأن تأخذ مقابل هذه الحقوق من مواطنيها، ولكن الكلام ينطبق على الكهرباء والماء والبنزين والمحروقات وهو ما شهدناه مؤخرا في الإمارات برفع الدعم الحكومي عن المحروقات لما فيه مصلحة عليا للدولة وللأجيال المقبلة والحالية وكرة القدم والإعلام أيضا من مرافق الدولة وعلى القائمين عليها أعباء مالية كبيرة لهذا ندفع ثمن التذكرة لنحضر المباريات ولم نسمع أحدا يقول لماذا المباريات ليست مجانية بعد أن كانت في يوم من الأيام مجانية بل كان هناك من يدفع للجمهور كي يحضر؟  جواب هذه الـ «لماذا» هو جواب التشفير لدوري الخليج العربي ولغيرها من التساؤلات التي يطرحها الشارع هذه الأيام والأكيد أنه مع الايام سيتعود وسيدفع عن طيب خاطر.