ما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي عن زوارنا في الدول الغربية أمر مستفز، ويثير الفزع والجزع، فما يقدم عليه السائحون العرب في دول أوروبا سلوك يندى له الجبين، فهو سلوك يشوه الوجه الحضاري للإنسانية، ويخدش حياء القيم العربية، فالبعض وكأنه يحمل رسالة مغرضة هدفها الكشف عن وجه قبيح لسلوكيات فردية، لكنها في النهاية تنسحب على المجموع، لأن الآخر عندما يصدر حكماً لا يعرف أسماء الذين يقومون بمثل هذه التصرفات المشينة، وإنما سوف يسبغ ثقافة عامة لمجتمعات بأكملها ويصدر حكمه القاسي.. ما يفعله البعض وكأنه يحمل معاول يهدم، يهشم بها ثقافة عامة ويحطم الصورة المثالية بأياد خبيثة، ساذجة، جاهلة، لا يعرف أصحابها ماذا يفعلون وما هي نتيجة هذه التصرفات العدوانية.. فالخوض بسيارات قديمة قدِم الدهر على عشب قشيب ودهس نضارته بعجلات حمقاء هستيرية أو زهق روح حيوان أليف أمام الأشهار أو القيام بسلوكيات فاحشة أمام الكاميرات وأمام أعين الناس، كل ذلك يعبر عن مدى الاستخفاف والإسفاف والعبثية والعدمية وروح الانهزامية والنكوص إلى مراحل مبكرة من الجهل والأمية الثقافية.. هذه سلوكيات يجب أن تعاقب وأن تلقى اهتماماً من قبل الحكومات وأن تصدر ضد هذه التصرفات قرارات حازمة تردع كل ذي نفس ضعيفة، وكل ذي عقل مختل، لأن هذه التصرفات السيئة لا تضر بسمعة الأشخاص بقدر ما تضر بقيم المجتمعات التي ينتمون إليها؛ كونهم يحملون اسمها بجوازات سفر مختومة بمهر البلد التي خرجوا منها.. فيجب أن نستيقظ لهذا الخلل الأخلاقي الذي أصاب بعض من ينتمون إلى أوطاننا، ويجب أن نتصدى لهذه الظاهرة العقيمة، وأن نحاربها بشتى الوسائل حفاظاً على سمعة أوطاننا وحرصاً على منجزاتنا الحضارية التي تعب وسهر المخلصون على غرسها.. يجب أن يعرف المهرولون إلى الخراب الأخلاقي أنهم لا يمثلون أنفسهم وأنهم معنيون بالالتزام بالمبادئ السامية التي سنها تاريخ عريق على مدى القرون.. لابد من العقاب؛ لأنه من أمن العقوبة أساء الأدب.. وديننا وثقافتنا بنيا على سلامة النفس من الهوى وسلامة العقل من الزلل.