الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تراثي.. هويتي» مهرجان يدرب الطلاب على إعلاء قيم التعارف والتمازج الحضاري

«تراثي.. هويتي» مهرجان يدرب الطلاب على إعلاء قيم التعارف والتمازج الحضاري
23 مارس 2014 00:58
خورشيد حرفوش (أبوظبي)- «الإمارات نموذج لإنسانية الإنسان، وعلى أرضها يعيش شعوب الأرض بتراثها وعاداتها وتقاليدها وحريتها. وهي بوتقة تنصهر فيها حضارات الشعوب وتراثها، فهنيئاً لها بالتراث الإنساني كله». ويخطئ البعض مما ينظرون إلى أن التقارب والتمازج الثقافي قد يؤدي إلى ضياع وذوبان وتشتت الهوية الوطنية من خلال نظرة محدودة وضيقة إلى جوهر الهوية الوطنية، لأن التمازج والتقارب الثقافي، من شأنه أن يعزز روابط الهوية الوطنية الثقافية، حينما يكتشف الفرد خصوصيته وتميزه بين كثير من الثقافات الأخرى، عندها يدرك أن الانفتاح على الآخر ما هو إلا طريق للتواصل في عالم لم يعد فيه مكان لأي فكر أو ثقافة منغلقة. لقد أصبح الوعي بالاختلاف وأهمية التمسك بتراث الآباء والأجداد مطلباً تربوياً مهماً لتعزيز الهوية الوطنية والانتماء الوطني، في زمن أصبحت فيه الإمارات ملتقى متحضراً لجميع الحضارات والثقافات. في إطار هذا المنطلق التعليمي والتربوي المهم، نظمت إدارة مدارس النهضة الوطنية للبنين المهرجان السنوي «ليالي التراث» تحت شعار «تراثي هوتي» على امتداد يومين كاملين، جسد فيه الطلاب، بإشراف الهيئة التعليمية، ورعاية المجلس الوطني للسياحة والآثار في أبوظبي «الراعي الرئيسي للحدث»، ودعم ومشاركة وتشجيع ملموس من أولياء أمور الطلاب، الذين تسابقوا لإنجاح المهرجان، وإبرازه بالصورة التي تليق بعنوانه، وأهدافه في تفعيل التعارف والتمازج الثقافي والحضاري بين كافة الثقافات والشعوب، وتنمية روح الاعتزاز بالهوية والانتماء الوطني. تمازج بديع «الاتحاد» كانت في قلب التفاصيل، حيث شهد سعيد عبدالله الجنيبي، المدير العام للمدارس، انطلاق الفعاليات، حيث التمازج الثقافي البديع، والتلاقي الأسري بين أسر الطلاب والهيئة التعليمية، وحيث توزعت حول أركان الساحة الرئيسية بالمدرسة، المساحات المخصصة لطلاب كل قطر وبلد مشارك، من أميركا وبريطانيا وكندا وايرلاندا وجنوب إفريقيا والهند وباكستان وسيريلانكا، ومن الدول العربية الإمارات ومصر وسوريا وفلسطين والأردن والمغرب، حيث قامت تلك المعارض بعرض الأعلام والملابس الوطنية التقليدية «الفلكلورية» فيها، وتقديم المأكولات الشعبية التي تشتهر بها، فضلاً عن كثير من معالم التراث الشعبي الذي يعكس أهم ملامح وخصائص ثقافة كل بلد، في مناخ يحاكي الواقع في هذه البلدان. وفي ركن مقابل، أقيم مسرح كبير يتسع لأكثر من 700 شخص، تبارى عليه الطلاب من الدول المشاركة، على تقديم فقرات تمثيلية ومسرحية وغنائية وشعرية، ورقصات وعروض استعراضية فلكلورية تحمل سمات وألوان بلدانهم أمام حضور جماهيري كبير من أولياء الأمور وأسرهم من كافة الأعمار. صور «إيمان شريف»، مدرسة الاجتماعيات، والمسؤولة عن تنظيم أكبر جناح في المهرجان، وهو جناح الإمارات، حيث كان المشهد إماراتياً صرفاً، تقول:«في هذا القسم سنجد كل شيئاً يحكي مشاهد وقصص التاريخ والتراث الإماراتي العريق، فالخيمة العربية، والتمور ودلة القهوة، ومفردات الضيافة العربية. وداخل الخيمة وأمامها كان الطلاب يقومون بتقديم استعراضات فنون«العيالة، والحربية والرزفة و”الليوا واليولة. وبعض الصناعات والحرف الشعبية كصناعة السدو والحصر والفخار والنسيج وغيرها من الفنون الشعبية التي ظل يمارسها شعب الإمارات في «زمن أول». الثوب «السلطي» من المشاهد الحاضرة بقوة، كان الثوب «السلطي» للمرأة الأردنية الذي يجذب الانتباه بجمال وتعدد ألوانه، ومن بين الأمهات، كانت «رنا الدباس» أم الطالب «سند»، التي جاءت من مدينة السلط، وقالت: «الثوب «السلطي» يعكس شخصية المرأة السلطية المميزة، بثقتها في نفسها وشخصيتها القوية النافذة، بالإضافة إلى مكانتها الاجتماعية العالية». ويحتاج الثوب السلطي إلى 16- 18 متر من القماش الأسود تزينه شرائط زرقاء مصنوعة من القماش النيلي، وكانت زينة المرأة السلطية تتمثل بارتدائها قلادة فضية على شكل سمكة كتعويذة وتحيط بها أخرى من الفضة تتدلى منها خرزات تحوي على آيات قرآنية. إن الأزياء الأردنية تتميز بأصالتها وبتنوعها الكبير جداً، وكل منطقة تصاميمها الخاصة، ويعتبر التطريز الشعبي الأردني فناً راقياً ومن أهم الفنون التاريخية الأردنية، فمن خلال التصاميم والرموز استطاع الإنسان الأردني أن يسجل تاريخه ويعبر عن المعتقدات وأنماط التفكير الاجتماعي من عادات وتقاليد توارثها الأردنيون عبر القرون. ليالي مثمرة أم الطالب وسيم أحمد سند« بالصف 12»، تقول: «ما أروع أن يلتقي أعضاء الهيئة التعليمية، والإدارة، والطلاب وذويهم في مثل هذا الملتقى بنكهة بلدانهم، وعاداتهم، وثقافتهم، ويتبادلون تناول المأكولات الوطنية في كل بلدانهم، وحيث يتاح للجميع الاطلاع عن عادات وثقافة الآخر، في جو مرح وود وإيجابية. كما تشيد «سلمى» والدة الطالب ناصر مراد، والطالبة مريم مراد، بالمهرجان، وتؤكد أنها كانت حريصة أن تشارك أطفالها في هذا اليوم، وتشاهد فعالياته، وتنوع ما يقدمه الطلاب من مشاهد ونشاطات من شأنها أن تضفي مشاعر البهجة، والاستفادة، وأن تتعرف على كثير من مفردات الثقافات الأخرى المتباينة، كما تكسب الطالب مشاعر إيجابية لتعزيز هويته وانتمائه وحسه الوطني». المسؤولية التعليمية والتربوية هدفاً وغاية كان مهماً أن نتعرف على أهداف المهرجان التي حاول عدنان عباس، مدير مدارس النهضة الوطنية للبنين، أن يوجزها، ويقول: «نحن أمام تظاهرة تربوية تجمع أكثر من هدف وغاية، علينا أن ندرك حقيقة ثقافية مهمة، أن الانفتاح على الآخر ما هو إلا طريق متحضر للتواصل في عالم لم يعد فيه مكاناً لأي فكر أو ثقافة منغلقة، وفي هذا المهرجان، نزرع في أبنائنا الطلاب هذه القيمة، وحيث يكون الهدف الأول أن يتعرف الطلاب عن قرب بالتنوع والتمازج الثقافي بين البلدان التي ينتمون إليها، ويتعرف على الآخر من خلال تراثه وفنونه وعاداته وتقاليده وملابسه الوطنية وملابسه وتفاصيل حياته اليومية. إن تقديم محاكاة حية لهذه التفاصيل من شأنه أن يثري المعارف، ويعزز لغة التقارب والحوار، ومن شأنه أيضاً أن ينمي مشاعر الحس الوطني، ويعلي شأن الإحساس بالانتماء والوطنية، ويخلق مناخاً تربوياً وتعليمياً إيجابياً للغاية، ليس فقط على صعيد الطلاب فحسب، وإنما على صعيد أولياء الأمور وأسرهم، في مناخ صحي وإيجابي للغاية، كما يحقق حالة متميزة من التواصل بين الطلاب ومدرستهم، وبين المدرسة وأولياء الأمور، ومؤسسات المجتمع، والجهات التي تشارك في إنجاح المهرجان، وتحقيق أهدافه، كما أن مثل هذه الأنشطة تسهم بلا شك في إحداث التقارب الاجتماعي الصحي بين عدد كبير من الأسر، وتجعل من المسؤولية التعليمية والتربوية هدفاً وغاية مشتركة بين جميع الأطراف».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©