من يعبر الطرق الجبلية في الإمارات، ويعاين بأم عينه كم تشق الجبال الوعرة وعلى مسافات واسعة وكبيرة، وبمستويات تعمير وإنشاء عالية الجودة، يتأكد أن الحرص على العمل هو الأهم والمنشود في الإمارات. يفرح المرء أن تلك المناطق الوعرة أمست سهلة الارتياد، وحتى المناطق البعيدة، وتلك القرى التي تسكن الأودية والسهول والجبال يمكن لناسها التواصل مع مدن الإمارات بكل يسر. بالأمس كنت أقطع الطريق من دبي إلى الشوارع الجديدة التي تمر إلى البطايح ووادي الحلو والمؤدية إلى كلباء ومناطق كثيرة وقرى لأول مرة أعرف اسمها، لم أتخيل أن في الإمارات الداخلية مناطق وجبالاً وقرى بهذا الجمال وروعة. لم تعد تلك القرى البعيدة مثل الزمن الماضي مبنيّة من الحصى أو سعف النخيل ويلفها الظلام وتحاصرها الجبال بأسوار مانعة من التواصل مع المحيط الخارجي، حتى المزارع لم تكن بهذا الاتساع وهذه المساحة الكبيرة. المناطق الجبلية أصبحت موطناً للراحة والاستجمام، خاصة في فصل الشتاء وهطول الأمطار التي تهطل حتى في هذا الفصل، ولكن بيئة الإمارات دائماً رائعة بتنوعها. هذا التنوع والاختلاف يعطي الإمارات خصوصية في منطقة الخليج العربي لا يتشابه معها غير عُمان وأجزاء من المملكة العربية السعودية، ولكن الإمارات اهتمت كثيراً بالمناطق الجبلية وبنت السدود ومدت الطرق إلى مواقع بعيدة عبر الجبال العالية وأوصلت القرية بطرق وشرايين الحياة التي توصلها إلى المدن البعيدة بسهولة ويسر، ولقد تغيرت حياة سكان الجبال أو الأودية والقرى والكثير منها أخذت بالصعود والنمو لتصبح في المستقبل مدناً صغيرة تتوفر فيها كل مقومات الحياة المدنية من استراحات وفنادق وأنشطة تجارية صغيرة، فقد تنهض تلك المناطق لتصبح مناطق زراعية هامة أو أسواقاً تجارية أو أماكن مختارة لأنشطة تعليمية وثقافية، بها المعاهد والجامعات ومواقع مختارة للشركات ذات الاختصاصات التي تناسب تلك المناطق، وربما تعمر فيها شركات السياحة والترفيه. ما من شيء مستحيل في ظل العمل والرؤية الإماراتية التي تنشد البناء وتنظر بنظرة ثاقبة إلى الذي يعمر ويبني ويأخذ بالإمارات إلى التقدم والازدهار، ليس مثل تلك البلاد والدول المشغولة بالحروب والخراب، للإنسان والوطن وللمحيط الخارجي عنها، في وهم تصدير ثورات الخراب والدجل والكذب الذي أضر بالمحيط كله، كم هو جميل أن نشاهد روعة التعمير في الإمارات، رؤية كأنها قمر سابح لنشر الضوء والضياء. جبال الإمارات تستحق هذه العناية وناسها يستحقون كل الخير والعطاء.