الثورات العربية، فتحت الأبواب على مصاريعها، لانهيارات أرضية أصابت الضمير، فاليوم وبعد ثلاث سنوات من الذبح وسفك الدماء وتدمير البنية التحتية السورية، أصبح الهدف هو إسقاط الأسد وبأي ثمن ولم يعد الحديث عن الحرية والديمقراطية وبناء سوريا يعيش فيها الجميع شركاء في الحقوق، وفي الواجبات. أصبح التشابك والتقاطع في المصالح، الذاتية أهم من سوريا الوطن، وأعظم من حق الشعب السوري في نيل الحرية، والعيش بسلام ووئام وانسجام. يشعر الإنسان بالفجيعة، والانكسار عندما تداهمه تصريحات مثلما باح بها عضو الهيئة السياسية، في الائتلاف الوطني السوري، كمال اللبواني، الذي أكد أن مقايضة الجولان بنظام الأسد، خير من ضياع الجولان، ومعها سوريا إلى الأبد، ولا أدري من أين استقى اللبواني هذه الفكرة الجهنمية التي تسنح له أن يفرط في جزء من تراب سوريا الوطني، ليحصل على الحريّة ويتخلص من الأسد؟.. ففي اعتقادي إذا كان الأسد يشكل العقبة الكأداء، في طريق الديمقراطية فلا يعني هذا أن يلقي بجزء من الترابط الوطني في الرمضاء اتقاء للنار، فمن يفرط بذرة من التراب، لا يختلف عمّن يحرِّك الأسلحة الفتاكة لقتل شعبه.. فالاثنان عدوان للحق والحقيقة، والاثنان يذهبان بالوطن نحو تقطيع الأوصال. فالقضية يجب ألا تكون ثأرية ولا شخصية، ولا يجب الربط بين الإطاحة بالأسد بالتخلص من جزء من تراب سوريا، والمعارض الذي يتحدِّث بهذا الأسلوب إنما هو جزء لا يتجزأ من سلوك النظام ذاته، وجزء من الرحى التي طحنت مشاعر الإنسان السوري، وذرتها في رياح التيه والملاجئ، ويجب أن نعترف بأن دعوة المعارض هذه صرعة لم ينطق بها التاريخ على مدى الأزمان، بل هي ماركة مسجلة لمعارض سوري توخينا منه الحذر في الاقتراب من مناطق خطرة كهذا، ولكن للأسف، فإن اليأس لا يصيب إلا أصحاب النفس القصير، والرؤية الضبابية، هؤلاء يقعون فرائس لأخطاء تاريخية، تفقدهم الشريعة، وتسحب من تحت أقدامهم البساط وتقدم للنظام الباطش الذرائع والحجج.. فماذا سيقول إعلام النظام الآن للشعب السوري؟ سيقول انظروا إلى معارضتكم، إنها تريد أن تبيع الجولان وتتخلى عن القضية التي حاربنا من أجلها لأكثر من ثلاثة عقود، وسوف يكذب ويكذب لأن الآخرين لا يصدقون، وهنا تكمن المعضلة. Uae88999@gmail.com