الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطائرة الماليزية.. ومعضلة أجهزة الإرسال

19 مارس 2014 01:04
عندما سيطر مجموعة من مرتكبي جرائم القتل الجماعي على مقصورات أربع طائرات أميركية في الحادي عشر من سبتمبر 2001، كان من أوائل الإجراءات التي اتخذوها إغلاق أجهزة الإرسال، بهدف إخفاء الطائرات عن شاشات الرادارات المدنية. وبعد بضعة أشهر، نشر «مجلس العلاقات الخارجية» كتاباً بعنوان: كيف حدث ذلك؟ عن الأخطاء التي أفضت إلى ذلك اليوم المخيف. ولو لم يتم إسكات أجهزة الإرسال في الحادي عشر من سبتمبر، لأدرك ضباط المراقبة الجوية سريعاً أن طائرتين متجهتين إلى لوس أنجلوس غيرتا مسارهما تماماً، وتتجهان مباشرة إلى مانهاتن، لكن ضباط المراقبة الجوي استغرقوا وقتاً ثميناً في محاولة اكتشاف موقع تلك الطائرات. وفي ذلك الوقت، كنت سأراهن بمدخرات حياتي أنه بعد ذلك الحادث، سيتم تعديل جهاز الإرسال، الذي يبث موقع الطائرة وهويتها، هندسياً للحيلولة دون تمكن مختطفي الطائرات من إغلاق هذه الوحدات، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث!، وبعد ثلاثة عشرة عاماً، يبدو أن جهاز إرسال آخر تم إغلاقه. وتبدو القصة الآن تماماً كما كانت عليه في الحادي عشر من سبتمبر، ذلك أن الطيارين يودون أن تكون مواقعهم معروفة للحصول على المساعدات الأرضية، ولأن جهاز الإرسال يحذر أية طائرة أخرى قريبة بشأن مسارها وارتفاعها، وعليه فليس من مصلحة أحد إسكات جهاز الإرسال إلا المختطف الذي يسيطر على الطائرة. ولم تكن رحلة طائرة الركاب الماليزية المفقودة «370» فريدة من نوعها، إذ أن معظم الطائرات العالمية بها أجهزة إرسال يمكن إغلاقها، وفي الطائرات من طراز بوينج «777-200»، وهو الطائرة المستخدمة نفسها في الرحلة، يوجد مفتاح دوّار واضح بالقرب من اليد اليسرى للضابط الأول، وكل ما على الخاطف فعله لإغلاق الجهاز هو إدارة المفتاح في الاتجاه المعاكس. وتحل أجهزة الإرسال هذه المشكلة، إذ تبث تقارير عن ارتفاع الطائرة وسرعتها والوجهة المتجهة إليها ورمز تعريفها لضباط المراقبة الجوية والطائرة القريبة منها، باستخدام صيغة إلكترونية تتزامن مع الرادار. وتمكن رموز التعريف الضباط من تحديد أي الصور الظاهرة على شاشات الرادار تخص أية طائرة، وهو شيء يستحيل على أجهزة الرادار بمفردها معرفته. ويعزو السبب في أن أجهزة المخابرات الأميركية استغرقت نحو أسبوع كي تستنتج أن الرحلة رقم «370» اتجهت لمسافة طويلة بعيداً عن مسارها، هو أن المحللين كان عليهم سبر أغوار قدر هائل من البيانات الخام في محاولة لاكتشاف أي المسارات كانت خاصة بتلك الطائرة. إذن، لماذا يوجد مفتاح لجهاز الإرسال في الأساس؟ حتى وقت قريب، كان ينبغي أن يتم إغلاق أجهزة الإرسال عندما تكون الطائرة على الأرض، بهدف تفادي إرسال بث إشارات تُشوش على أجهزة الرادار في المطار. وهناك تصميمات الآن لبعض الطائرات الخاصة، لكنها لم تٌستخدم بعد في الطائرات التجارية الكبيرة، تتعامل مع هذه المشكلة عن طريق استخدام أجهزة إرسال أتوماتيكية تعمل عندما تكون الطائرة محلقة وتتوقف عندما تتباطأ بسرعة سيارة الأجرة. وعلاوة على ذلك، وضعت المطارات الكبرى أجهزة رادار لا تتعرض لتشويش عندما تكون الطائرات في الممرات، وبعض الطائرات الكبيرة مثل طراز «777» لا تعمل إلا من هذه المطارات، وعندئذ ما من سبب لإغلاق أجهزة الإرسال. ولعل مفتاح إغلاق جهاز الإرسال يمثل بقية من عهد بائد قبل استخدام الأجهزة الإلكترونية الموثوقة التي تعتمد على الشرائح الإلكترونية. وأشار الطيار السابق ومؤلف كتاب السفر الجوي «خصوصية مقصورة الطيار» في عام 2012، إلى أنه في بعض الأحيان ترسل أجهزة الإرسال قديمة الطراز قراءات زائفة للارتفاعات، موضحاً أنه في هذه الحالة يتصل ضابط المراقبة الجوية ويطلب من الطيار إغلاق الجهاز وإعادة تشغيله. وأوضح أنه في حالة استمرار الخطأ بعد إعادة تشغيل جهاز الإرسال، يوجد في جميع الطائرات أجهزة إرسال إضافية داعمة، وكذلك كان على متن الرحلة الماليزية «370» جهاز إرسال إضافي، لكن مثل معظم هذه الوحدات، يتعين على أي شخص في المقصورة تشغيله، وهو ما لم يحدث في الرحلة «370». ويكمن حل المشكلة في استخدام نظام بث لتحديد المواقع لا يمكن لطاقم الرحلة إغلاقه، وعليه، في غضون الأعوام القليلة المقبلة، سيتعين على كافة الطائرات في أنحاء العالم استخدام نظام تعقب جوي نموذجي يعرف باسم «إيه دي إس – بي»، يجعل من الصعب على الطائرة وقف إرسال تقارير عن موقعها، وينبغي أن تكون أجهزة الإرسال الأوتوماتيكية جزءاً من هذا التحول. وبالطبع، فإن أتمتة أنظمة معقدة يمكن أن يكون لها نتائج غير مقصودة، لكن غالبية وقت رحلات الطائرات الحديثة يكون باستخدام «جهاز الطيران التلقائي»، وفي كل يوم تكون أرواح الملايين في أنحاء العالم مرهونة بهذه الأجهزة لفترات طويلة، فإذا كان يمكن الوثوق بالأتمتة في تسيير طائرة بأكملها، لماذا لا يمكن الوثوق في إبقاء أجهزة الإرسال في وضع التشغيل الصحيح أوتوماتيكياً؟ وبالطبع، يمكن إغلاق أجهزة الطيران الآلية، لأن عطب مثل هذه الأجهزة يمكن أن يتسبب في تصادم، وبالمثل يمكن أن يتسبب عطب جهاز الإرسال في بث بيانات خاطئة، وهو ما يمثل مبعث قلق، لكن إغلاقه عن عمد يمكن أن يؤدي إلى الهلاك. وبدأت خمس من بين آخر عشر كوارث جوية خطيرة ـ وهي الرحلات الأربع المستخدمة في الحادي عشر من سبتمبر والرحلة 370 ـ بإغلاق جهاز الإرسال، ومن الممكن أن يجعل قليلا من التغيير في التصميم ذلك مستحيلاً. ‎جريج إيستربروك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©