ما أقسى ألم ذبول زهور في ربيع العمر، وهي ترحل مبكراً، مرارات تلتصق في القلب والذاكرة كلما برز أمام المرء خبر من تلك الأخبار المؤلمة عن شباب في عمر الزهور يذهبون ضحايا حادثة هنا أو هناك، كقصة ذلكما الشابين اللذين توفيا في سيارتهما، بينما كانا في انتظار وجبتهما فجر أحد أيام مدينة العين الأسبوع الفائت. غير بعيد عن ذلك تابعت خبر وفاة شاب لم يتجاوز العقد الثاني من العمر، زين له بعض المترددين على قاعات الرياضة أو “الجيم” أخذ حقنة من تلك الحقن الخاصة بما يُعرف بنفخ العضلات، وما هي سوى لحظات حتى أودع العناية المركزة قبل أن تفيض روحه إلى بارئها، مخلفاً جمر الحسرة ووجع الفقد في أسرته التي كان وحيدها من الذكور. ربما لم تكن هذه الواقعة الأولى من نوعها، وهي تثير الكثير من التساؤلات حول مدى الرقابة والمتابعة لما يجري في الكثير من القاعات الرياضية، ومن خلال بعض العاملين في “الجيم” الذين يزينون للشباب “نفخ” العضلات للظفر بقوام رياضي كأبطال بعض أفلام ”الأكشن” الأميركية، ويوفرون لهم هذه الحقن أو “المكملات” القاتلة، وبعض منها ممنوع تداوله، ومنها ما هو محظور استخدامه حتى مع خيول السباق. وأكبر التساؤلات تتعلق بالمنافذ وكيفية وصول مثل تلك العقاقير والحقن لهؤلاء الشباب. تساؤلات عدة، كلها تحمل المرارة والأسى على شباب لا يشعر باستهدافه من قبل تجار السموم، والراغبين في الثراء السريع، على حساب أعز وأغلى الثروات، فلذات الأكباد ممن يتساقطون في الحبائل والكمائن المنصوبة لهم، وفي أحايين كثيرة على يد رفاق السوء الذين يقتربون منهم، باعتبارهم من أقرب المقربين والأصدقاء الحميمين. ولا يجدون من يوقظهم من غيبوبة تلك الصداقة المزيفة الرامية للزج بهم في متاهات الإدمان والضياع. لقد جنح بعض المتاجرين بالقيم بمعاني وروح الرياضة السامية، ليجعلوا منها باباً للتغرير بالشباب نحو مستنقعات الإدمان على عقاقير محظورة باسم الرياضة والسعي لبناء الأجسام الرياضية. وبدلاً من منصات التتويج يتساقطون مرضى وعجزة من الآثار الجانبية الخطيرة لتلك العقاقير والحقن، أو يتخطفهم الموت مبكراً وهم في شرخ الشباب وزهرة العمر. ولا شك، فإن موجة تزيين نفخ العضلات مهما كانت خطورة الوسيلة، فهي تعبر عن غياب جهد حقيقي مهما كان حجمه لصالح نفخ العقول بما هو مفيد للشاب والمجتمع على حد سواء. وذلك يتحمل المسؤولية في جزء كبير منه الأندية الرياضية والمؤسسات التعليمية التي ركزت جهودها وأنشطتها على جانب رياضي محدد أو نوع معين من الرياضات على حساب جوانب أخرى مهمة، لتخلف بعد ذلك ثغرات وفراغات ينفذ منها أولئك الذين يتاجرون بكل شيء بما فيه مستقبل هؤلاء الشباب، بل تمادوا بصورة تعرض حياة الأبرياء للخطر، وتقضي عليهم، كما في المشاهد القاسية والمؤلمة التي ذكرت. نتمنى أن نسمع خلال الأيام القليلة المقبلة حملات واسعة ومشتركة بين وزارات الداخلية و”الشباب”، وكل من يعنيهم الأمر لحماية الشباب من تجار “كمال الأجسام” مروجي حقن وعقاقير “نفخ العضلات” القاتلة. ومطلوب من كل أسرة اليقظة التامة لحماية أبنائهم من نافخي الكير الجدد. ali.alamodi@admedia.ae